الهواة حين يرتدون أقنعة المحترفين
أكتب هذا قبل المباراة الكروية الودية التى ستجمع بين منتخبنا والمنتخب الليبى.. المباراة الثانية التى سيلعبها منتخبنا بعد خسارته المباراة الأولى قبل أيام أمام الأردن استعداداً للقاء رسمى مع نيجيريا.. ولا تشغلنى محاولة توقع نتيجة هذه المباراة الثانية، إنما يزعجنى فكر الهواة الذى لا يزال يحكم أمورنا ويصيغ قراراتنا واختياراتنا.. فالمباريات الكروية الودية فى عالمنا اليوم لم تعد مجرد اتفاقات أو نزهة واستعراض، ومجرد ساحة مفتوحة لأى مدرب للتجريب والتغيير بلا حدود أو حساب..
فخسارتنا أمام الأردن ستُعيدنا بضع درجات إلى الوراء فى التصنيف الشهرى للفيفا.. وأتمنى أن نفوز على ليبيا لأن الخسارة الثانية تزيد من تراجعنا فى هذا التصنيف الذى سيصبح هو المعيار الرسمى لتوزيع البلدان الأفريقية فى تصفيات المونديال المقبل.. وهذا يعنى أن المباريات الودية باتت مهمة وضرورية، لأنها ستحدد المكان والمكانة ونوع المنافسين فى أى تصفيات أو بطولة رسمية.. الدنيا كلها تغيرت وبقينا نحن وحدنا بأحوالنا وأفكارنا ومفاهيمنا القديمة.. ندّعى ونتظاهر بأننا محترفون بينما نحن لا نزال هواة فى كل شىء..
اتحاد هواة ومسؤولون وموظفون هواة.. فلا يملك منتخبنا مثلاً إدارة مسؤولة عن تنظيم وترتيب مثل هذه المباريات الودية وفق خطة سرية أو معلنة تمزج بين الاحتكاك والاستعداد ومكان المنتخب المصرى فى تصنيف الفيفا وأى تصفيات أو بطولات مقبلة.. إنما لا تزال أمور منتخبنا ومبارياته تدار بشكل هاوٍ وساذج وردىء للغاية.. فيجلس الجميع على رصيف الأيام ينتظرون شركة راعية أو وكالة إعلانية تبحث عن مباراة لجمع بعض المال أو تسويق بعض الإعلانات فيجرى المسؤولون يبحثون عن أى منتخب متاح.. لا يهم إن كان المنتخب المتاح عربياً أو أفريقياً أو حتى سيأتى من آسيا، لأن عصابات المراهنات قررت وأرادت ذلك..
ولا يقتصر أمر الهواية على منتخبنا ومسؤوليه فقط.. فاتحاد الكرة لا يزال يستكمل صورته ومسيرته كاتحاد للهواة على قدر حاله، فدعا مثلًا لاجتماع مجلس إدارة فى أسوان بمناسبة إقامة المباراتين الوديتين هناك مع أن الاجتماعات الرسمية مفترض انعقادها داخل المقر الرسمى للاتحاد.. لكن الهواة دوماً من حقهم الفسحة والبحث عن المتعة والترفيه فى أى مكان، وبالمرة تكون الاجتماعات الرسمية.. كما أن اتحاد الكرة ليس وحده فى هذا المجال.. فلدينا الزمالك والأهلى أيضاً اللذان يعيران لاعبيهما للأندية الأخرى، ثم يشترطان ألا يشارك هؤلاء اللاعبون أمام الزمالك أو الأهلى مستقبلًا.. وهو أمر لا يعرفه احتراف كرة القدم إنما هو قانون جديد لن يعترف به أو يتعامل معه إلا الهواة..
وما جرى من خالد القماش الذى تعاقد لتدريب غزل المحلة وبعد أربع وعشرين ساعة جرى إلى الإسماعيلية لتدريب الإسماعيلى بدافع الغرام والانتماء هو أيضا سلوك هواة.. وأن يفكر غزل المحلة فى التعاقد مع مدرب رومانى بأكثر من ستين ألف جنيه شهرياً فى وسط الموسم ورغم الظروف الاقتصادية والفنية الصعبة هو أيضاً دليل على أن الكرة المصرية كلها لا تزال لعبة للهواة، مهما تنكرت وارتدت قناع الجدية والاحتراف.
(المصدر: المصري اليوم 2016-01-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews