مركز أبحاث الأمن القومي بإسرائيل يكشف خفايا قمة الثماني بشأن سوريا
جي بي سي - : رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، والمُرتبط بالمؤسستين السياسية والأمنية في تل أبيب، أن انعقاد مؤتمر جنيف الثاني، وفق الشروط التي وضعتها روسيا، خلال قمة الـG8 الأخيرة في شمال أيرلندا، يؤكد بشكل قاطع على التغييرات التدريجية في وضع موسكو السياسي وتحولها إلى لاعب مركزي في الساحة الدولية، كما قال مُعد الدراسة تسفي ماغين، المختص بالشؤون الروسية.
وتابع قائلاً : إن النزاع على مستقبل سورية، يدور بالإضافة إلى القتال في ساحة المعركة، تحول إلى نزاع في الحلبة الدولية، حيث تقوم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بأداء الدور المركزي، بواسطة الضغوطات، التهديدات ومحاولات التوصل إلى تفاهم، لافتًا إلى أن القمة الأخيرة في أيرلندا ناقشت بشكل كبير الملف السوري، بما في ذلك اللقاءات الصدامية التي دارت خلال القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ونظيره الأمريكي، باراك أوباما، وتحديدًا في مسألة انعقاد مؤتمر جنيف الثاني، والتي تم الاتفاق عليها خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى موسكو في بداية شهر أيار(مايو) الماضي، حيث تمحور الخلاف الرئيسي والحاد بين الطرفين حول بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، في منصبه، وهو ما رفضه الأمريكان ، لاعتبارات قالوا إن لها علاقة بما يجري على الأرض ، وإنه وبسبب المجازر التي ارتكبها النظام فإن الشعب السوري لن يقبل بقاء الأسد حتى لو وقف العالم كله يدفع في هذا الإتجاه .
علاوة على ذلك، أوضحت الدراسة أنه بالإضافة إلى أن المعركة حول سورية تحولت إلى معركة دولية، والتي ستُلقي بظلالها وتداعياتها على مصالح الدول العظمى، فقد تحول النزاع بين موسكو وواشنطن إلى نزاع دولي، وبدأ هذا الصراع بين الدولتين يتأجج منذ بداية ما يُطلق عليه اسم الربيع العربي، حول مصالحهما في جميع أرجاء العالم.
وفي إطار هذا النزاع، أضافت الدراسة، اختارت روسيا أنْ تكون الحرب الأهلية الدائرة في سورية، الحلبة المركزية في الصراع، وانتهجت سياسة التحديات، التي تشمل الدعم المكثف لنظام الرئيس الأسد، من الناحية العسكرية، وما زالت تعمل بجدية بالغة وبإصرار تامٍ على منع أي تدخل عسكري ضد سورية من قبل الغرب، وأقر الباحث أن السياسة الروسية نجحت حتى الآن أكثر من المتوقع، وتحديدًا في كل ما يتعلق ببقاء الرئيس الأسد في منصبه، مشيرًا إلى أن صناع القرار في موسكو يُريدون ترجمة الانتصار السياسي بواسطة عقد مؤتمر جنيف الثاني حول مستقبل سورية، وتثبيت موقعها في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تعزيز نفوذها في العالم، وبالتالي، هنا يكمن عدم توق الولايات المتحدة وحليفاتها إلى عقد المؤتمر، وذلك لاعتقادهم بأن أيام الرئيس الأسد باتت معدودة، ولا تُريد المساهمة في إبقائه بمنصبه، وبالمقابل تُعرب أمريكا وحليفاتها عن موافقتهم على منح روسيا تعويضات عن خسارتها سورية في أماكن أخرى بالعالم، إن كان ذلك في الشرق الأوسط أوْ في أماكن أخرى توجد فيها لروسيا مصالح، على حد قوله.
وأردف الباحث قائلاً إن الخلافات بين الطرفين حول الحلول المستقبلية للمشكلة السوريةـ، تحولت إلى قضية مفصلية بين الطرفين، فمن ناحية أكدت موسكو على نيتها تزويد دمشق بمنظومة الصواريخ المتطورة من طراز إس300، وهو أمر مشكوك فيه لرفض إسرائيل التي هددت بضرب الصواريخ حالا ، كما هددت واشنطن بإنشاء منطقة حظر جوي في سورية، بالإضافة إلى الإعلان الأمريكي عن اجتياز النظام في سورية الخطوط الحمراء، كما أن أمريكا قامت بنصب صواريخ ضد الطائرات في الأردن والمقاتلات الحربية على أراضي المملكة، بالإضافة إلى التدريبات المشتركة التي تجري على الأرضي الأردنية. ورأى الباحث الإسرائيلي أنه في القمة الأخيرة في أيرلندا توصلت الأطراف إلى اتفاق حول العديد من القضايا الجوهرية المتعلقة بسورية، ولكن بقيت مسألتان مهمتان هما مركز الخلاف : استعمال الأسلحة الكيميائية وبقاء الرئيس الأسد في منصبه، لافتًا إلى أن القضية الأولى وجدت حلها في نص البيان الختامي بشكل حذر، أما الثانية، فقد بقيت مفتوحة، حيث جاء في البيان تشكيل حكومة انتقالية في سورية، بينما تم ترك قضية الأسد والمسائل الأخرى مفتوحة، على حد قول الدراسة.
وشدد الباحث على أن البند الإشكالي والذي يُواصل إثارة الخلافات بين روسيا وأمريكا هو في ما يتعلق بالحكومة الانتقالية، مشيرًا إلى أن النص الذي تم الاتفاق عليه (هيئة حكومية ذات صلاحيات) يترك الباب مفتوحًا على مصراعيه لإبقاء الأسد في منصبه، وهو النص الذي طلبه الروس وتمت الموافقة عليه من قبل أمريكا وحليفاتها، وعلى الرغم من ذلك، أضاف ماغين، فإن الأطراف المشاركة خرجت من القمة المذكورة بشعور من الإحباط الشديد وارتباك أشد، وعادوا إلى استعمال لغة التهديدات المتبادلة، موسكو تُهدد بتزويد الأسد بصواريخ إس300، وأمريكا تًهدد هي وحليفاتها بفرض الحظر الجوي على سورية، ومد المعارضة بالأسلحة، وزاد أن موعد التئام مؤتمر جنيف2 لم يُحدد حتى الآن، مرجحا أن يعقد في أب (أغسطس) القادم، وليس في شهر تموز (يوليو)، كما أشارت العديد من التقارير الصحافية، وحتى ذلك الحين، خلص إلى القول ستستمر المعركة، بما في ذلك عقد سلسلة من الاجتماعات بين الرئيسين بوتن وأوباما في مؤتمر G8 المقرر في موسكو في أيلول (سبتمبر) المقبل، حيث سيقوم كل طرف بالعمل على تقوية موقفه من أجل الحصول على نتائج أفضل في الاتفاقيات المستقبلية حول سورية، على حد تعبيره. ( مركز أبحاث الأمن القومي - 26/6/2013 ) .
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews