Date : 23,11,2024, Time : 11:52:57 AM
8090 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 16 صفر 1437هـ - 29 نوفمبر 2015م 01:56 ص

ماذا بعد سقوط الطائرة الروسية ؟

ماذا بعد سقوط الطائرة الروسية ؟
د. فطين البداد

يترقب العالم بقلق تطورات العلاقة بين تركيا وروسيا عقب إسقاط مقاتلات تركية من طراز إف 16 الثلاثاء الفائت طائرة روسية من نوع سوخوي 24 فوق جبل التركمان شمال سوريا .

وإذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يأمل بلقاء بوتين في باريس الإثنين على هامش قمة المناخ ، فإن اللقاء المأمول قد لا يقع ، لأسباب تتعلق بشخصية بوتين ، وبما يعتقده - وفق الظاهر منه - من أن تركيا خدشت كرامة الروس ، ورفضت الإعتذار أو دفع تعويضات عن سقوط الطائرة.

روسيا ، ومنذ اللحظة الأولى من سقوط طائرتها التي وصفتها بأنها " طعنة في الظهر " لا بد ستوظف الحادث بشكل يفي بمتطلبات رد الإعتبار وفي نفس الوقت ، وهو الأهم ، تحقيق مصالح استراتيجية ، بدأت أولى علاماتها في نشر صواريخ إس 400 المتطورة حيث لم يكن بالإمكان نشر هذا الطراز إلا بحدث من هذا الحجم ، ولقد استغله بوتين بذكاء وتم نشر المنظومة بدون احتجاج غربي يذكر ، ومن أهداف ذلك ضرب المشروع الأمريكي - التركي في إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري تمتد من جرابلس إلى البحر ، بالإضافة إلى أهداف أبعد على تماس بالهيمنة الروسية المقبلة عقب الفراغ الأمريكي .

التصعيد الإقتصادي الروسي ضد تركيا ، وهو جزء بسيط من هدف أعظم ، يتم اتخاذه تدريجيا ، ومساء السبت وقع بوتين على مرسوم يقضي باتخاذ إجراءات اقتصادية خاصة ضد أنقرة ، وذلك بعد عدة إجراءات من ضمنها وقف سفر 3 ملايين روسي سنويا إلى تركيا للسياحة اعتبارا من مطلع العام ، وفرض التأشيرة على الأتراك ومنع رجال أعمال من الدخول ، وفرض حظر على مستوردات زراعية وتموينية وغيرها عبر البحر الأسود ، والتعميم على جميع شركات الطيران بمنع السفر لتركيا لدواع أمنية ، ومنع العمال الأتراك من العمل في روسيا ، ولم تشمل العقوبات حتى الآن مشاريع الطاقة ، ومحطة الطاقة النووية التي ستحصل روسيا بموجيها على 30 مليار دولار ،( ربما في وقت لاحق المشاريع التركية داخل روسيا ) وكل ذلك سيكون له آثار سلبية على الإقتصاد التركي ، ولكن - أيضا - الروسي ، حيث ستتضرر الشركات والمؤسسات مما سيزيد من ارتفاع نسبة البطالة والفقر .

ولكي لا ندخل في لعبة الأرقام ونتحدث عن أن الميزان التجاري يميل لصالح روسيا بحجم تبادل يصل إلى 30 مليار دولار سنويا ، مقابل 6 مليارات لصالح تركيا ، أقول : بغض النظر عن هذا ، فإن الدول العظمى تفكر بطريقة أخرى ، حيث قرأ بوتين رسالة حلف الناتو بشكل إيجابي ، منذ بيان الحلف الذي أكد فيه أنه مع حليفته الجنوبية ، إلا أنه قال أيضا : " إن على البلدين الحوار فيما بينهما " مما يعني ترك أنقرة في الميمعة تخيط جراحها بيديها ، طالما أنه لن يكون هناك إعلان حرب عسكرية عليها تفرض تدخل الحلف ، ولقد فهم بوتين هذه الرسالة ، ومن المفيد له الآن التحرك ليس فقط بسبب دعم تركيا للمعارضة المسلحة في سوريا ، بل بسبب قد يكون غائبا عن البعض ، وهو اجتياح حزب العدالة للإنتخابات الأخيرة ، حيث كان هذا الإجتياح غير مرحب به لا في روسيا ، ولا في الغرب أيضا ، ولقد سمعنا كلنا تعليق بوتين عن " أسلمة أردوغان لتركيا " ومن قبله تصريح لافروف عن رفض روسيا : " أن يحكم السنة سوريا " .

ماذا يمكن أن يحدث ؟ .

أعتقد أن الرد الروسي " الأولي " داخل تركيا سينحصر في الجانب إلإقتصادي ، أما خارج حدودها فأرى بأن ردا عسكريا محدودا قد يكون مفترضا ، بل إنه وقع ويقع يوميا من خلال تشديد قصف الطائرات الروسية جبل التركمان ، وقوافل المساعدات التركية للسوريين عبر الشاحنات التي تدخل سوريا من معبر باب الهوى ، وباب السلام ، وتربص منظومة الصواريخ الروسية إس 400 بأي هدف جوي تركي يجتاز الحدود بأمتار قد يكون إسقاطه نوعا من رد الإعتبار لدولة كبرى يعتقد العالم أنها صفعت في وجهها في وضح النهار ، وما يغيظ " القيصر " ، أن الذي صفعه لا زال يتحداه .

أما في الجانب التركي ، فإن بإمكان تركيا الرد هي الأخرى ، فبالإضافة إلى الإجراءات الإقتصادية المماثلة ، فإن هناك أوراقا بيد أنقرة لم يتحدث عنها أحد سوى صحيفة تركية ألمحت إلى أن 50 ألف روسي يعيشون في تركيا ويتخذونها وطنا لهم ، بالإضافة إلى ما لمح إليه أردوغان من أن هناك 30 مليون مسلم يعيشون في روسيا ،وقسم كبير منهم ذوو أصول تركية ، والأهم من كل ذلك ، هو قدرة تركيا على دعم المعارضة السورية المسلحة ، ولربما يتطور الدعم إلى صواريخ كتف مضادة للطائرات ، وهو ما سبق وحذر بوتين منه الغرب ، مخوفا إياه من أن مثل هذه الصواريخ قد تصيب طائرات التحالف أيضا ، الأمر الذي عكس خوفا روسيا حقيقيا من مثل هكذا سلاح.

هل تستطيع تركيا الصمود أمام الدب الروسي الذي يصور أنه يشعر بالإهانة ، في ظل تجاهل الحليف الغربي " اللدود " الذي يزعم أنه مع حليفه في الناتو ؟ .

قبل الإجابة على هذا السؤال ، أرغب في التأكيد أن الأزمة التركية الروسية لا زالت في بداياتها ، ومن المرجح أن تأخذ خطا تصاعديا قد يكون له ما بعده ، فملف العلاقات بين الطرفين لا يعنيهما فقط بل إن له تداعيات على سوريا والعراق والخليج والمنطقة ، وتصرفات بوتين وتسريباته للبرافدا تقول إنه لا يبالي بأحد ، وبأنه مقبل على أفعال جسيمة .

وطالما أننا أسهبنا قليلا في المجال الإقتصادي ، فإنه لا يجوز التقليل من شأن تركيا التي قد تخسر الكثير ، ولكن لتنتذكر بأن الناتج الإجمالي التركي وصل إلى ما يقرب من تريليون و300 مليون دولار ، وأن الناتج الإجمالي الروسي سيصل في قراءته الأخيرة وفق خبراء إلى تريليون ونصف من أصل 2 تريليون وبضع مئات ، أي أنه سينخفض بمقدار الربع تقريبا بسبب تدهور أسعار النفط ، وقراءة بسيطة تدلك على أن الإقتصادين متقاربان ، وأن الفرق بينهما أن تركيا تصدر المواد الغذائية وهي تكتفي ذاتيا ، بينما تصدر روسيا السلاح والنفط والغاز في الوقت الذي تستورد فيه 70 % من احتياجاتها الغذائية من الخارج ، أما ملف الطاقة فهو مضمون باتفاقيات دولية ، ورغم ذلك ، فإني لا أستبعد أن تخرقها روسيا بذرائع معينة ، وهذا هو الخطر الحقيقي على بلد يستورد أكثر من نصف حاجاته من الطاقة من الروس .

الدولتان متقاربتان في الإقتصاد كما قلنا وفي القوة أيضا إذا أدخلنا الناتو في المعادلة ، وتحت هذا الإعتبار فإن روسيا لن تجرؤ على شن حرب على تركيا ، وأعتقد أن إسقاط طائرة تركية هو أمل روسي قد يحدث ، وحتى لو وقع ذلك ، فإنه لن يطوي هذه الصفحة من العلاقة بين الدولتين ،بل أن ملفات المنطقة ستشتعل تصاعديا ، خاصة وأن أردوغان كرر ويكرر أنه سيدعم المعارضة السورية والتركمان ، وهنا يكمن الخطر الحقيقي ، لأننا بهذا لسنا أمام أفغانستان جديدة ، حيث الولايات المتحدة ممسكة بملف التخطيط والتوجيه والتسليح ضد السوفييت ، إذ إننا - هذه المرة - أمام روسيا المتفردة بقوتها ، وأمريكا التي لا تريد التدخل ، ودول المنطقة التي هي أضعف من أن تواجهها ، ومن أجل ذلك ، فإني أعتقد بأن الأتراك سيبقون على دعمهم المسلح للثورة السورية ، والخطر أن ينكفئ داعمون آخرون ، قد تدفعهم مصالحهم الإستراتيجية للتخلي عن الثورة السورية لصالح ملفات أخطر على أمنهم ووحدة بلادهم ، ولا ننسى التسريبات التي تتحدث عن مناورات روسية قادمة في باب المندب .

وبرغم ذلك ، فإن الأرض مع الأترا ك والفصائل مع الأترا ك، والإئتلاف والمعارضة مع الأتراك ، في الوقت الذي تعاني فيه موسكو من عقوبات وعزلة دولية بسبب أوكرانيا ، ولا تغرنا زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو ، ولا مشاركة بوتين في اجتماعات العشرين في أسطنبول ، وعلينا أن نتذكر أن الوجود الروسي في المتوسط وصواريخه المتطورة لا تهدد أنقرة فحسب ، بل إن هناك على مرمى البصر ، قواعد بريطانية في قبرص بات تحليق طائراتها يتطلب إذنا من روسيا ، وأساطيل بحرية وحاملات غربية أصبحت في مرمى النار باستثناء طائرات إسرائيل التي سيجتمع رئيس وزرائها بالرئيس الروسي قريبا ، ليحدثه - ربما - عن طرق أخرى للإنتقام من أردوغان .

بهذا الفهم يجب أن نقرأ الأحداث ، وآخرها طلب كاميرون تفويضا بتحركات جوية ، فالقصة ليست داعش فقط ، بل خطر روسي يريد أن يلتهم الجميع ويغير الخرائط بذريعة طائرة السوخوي التي " قد " يكون بوتين نفسه ، وراء تحريضها على اختراق الأجواء التركية ليتم إسقاطها ، وعلينا أن نتذكرتبليغ أنقرة لموسكو بأنها ستطبق قواعد الإشتباك .

بوتين يعمل من أجل مصلحة بلاده وهو بطل " قومي " لدى الروس بلا شك ، وأردوغان يعمل لمصلحة بلاده من منظوره الخاص ، وهو بطل قومي ذو شعبية طاغية ، ولكن أين نحن على خريطة الصراع ومن هو بطلنا القومي .

أستذكر في غمرة سماعنا طبول الحرب الحديث الشريف الذي يقول " ويل للعرب ، من شر قد اقترب " ! .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد