Date : 22,11,2024, Time : 10:35:05 PM
6680 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 16 صفر 1437هـ - 29 نوفمبر 2015م 01:48 ص

أزمة السوخوي وما بعدها

أزمة السوخوي وما بعدها
عبدالله السناوي

تعريف الأزمة أخطر من الحادثة ذاتها.

هناك روايتان متناقضتان لإسقاط الطائرة الروسية «سوخوي 24» بالقرب من الحدود السورية.
الرواية التركية تبرر استهداف الطائرة بأنه من أعمال السيادة في الدفاع عن مجالها الجوي.
والرواية الروسية تؤكد أنّ الاستهداف متعمد ومقصود وأنه «لن يمر بلا رد»... ما بين الروايتين تتأكد الأزمة الحقيقية بلا رتوش.
في ظروف عادية يمكن لمثل هذه الحوادث أن يمر باعتذار مقبول من طرف لآخر. غير أن لا شيء عادياً على المسرح الملتهب الذي سقطت فوقه السوخوي، ولا في طبيعة العلاقات بين اللاعبين الدوليين والإقليميين الكبار، ولا في حسابات المصالح والاستراتيجيات المتضاربة قبل أي حسم محتمل في فيينا للأزمة السورية.
نحن أمام اختبار خشن لأوزان القوى، قبل أي ذهاب جدي للتفاوض وفق الجدول الزمني المعلن.
استهداف السوخوي هو «طعنة في الظهر»، بتعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تمتد معانيه إلى اعتقاده هو نفسه بأنه في موقف قوة نسبي، بالقياس على أي أطراف دولية أخرى في تقرير المصير السوري. كسر الهيبة الروسية نقطة التنشين الرئيسية في القذيفة التي استهدفت السوخوي.
لم تطلب أنقرة أزمة مجانية تضر بمصالحها الاستراتيجية في علاقات هادئة مع جار قوي، ولا سعت إلى إضرار فادح بحجم التبادل التجاري مع موسكو، الذي يتجاوز ال40 مليار دولار، فضلاً عن اتفاقيات الغاز ونسب سياحية مرتفعة.
في اختبارات السياسة هناك اعتبارات تغلب أخرى، فما الذي دعا تركيا إلى المجازفة بتلك المصالح الاستراتيجية والاقتصادية؟
الأغلب أنها أرادت، بتحريض أمريكي مباشر، ودعم صريح من حلف «الناتو»، أن تكسر هيبة السلاح الروسي، وأن تؤكد في الوقت نفسه قدرتها العسكرية على التدخل البري المحدود داخل الأراضي السورية، فيما يُعرف ب«المنطقة الآمنة»، لقلب موازين القوة على الأرض قبل جولات التفاوض المتوقعة.
بصياغة أخرى، فاقت اعتباراتها الاستراتيجية في إدارة الأزمة السورية أي اعتبارات أخرى.
لم تكن روايتها مقنعة، فالطائرة سقطت فوق الأراضي السورية، والطيار الروسي الذي نجا من الموت، أكد أنه لم يتلق أي إشارات تحذير، بينما لم يتسنَ لزميله الآخر الذي لقي حتفه أن يدلي بشهادة مماثلة.
في كل الاحتمالات والسيناريوهات، الرد الروسي لن يكون مباشراً. لا دعوة بوتين مواطنيه لعدم السفر السياحي إلى تركيا، ولا التلويح بالأوراق الاقتصادية جوهر أي رد محتمل أو سيناريو ممكن.
إسقاط السوخوي رسالة استراتيجية متعمدة في لحظة استثنائية، والرد سوف يكون من نفس النوع. للدول العظمى وسائلها التي تختلف عن الدول المتوسطة والصغيرة في إدارة مثل هذه الأزمات.
قوتها تصون هيبتها رغم أي شروخ، ولا تحتاج إلى ردود فعل سريعة لحفظ كرامتها.
أين بالضبط سترد موسكو؟
من دون اجتهاد كبير؛ الرد داخل سوريا بالعمل على الإضرار الفادح بالمصالح والرهانات والاستراتيجيات التركية، لا شيء سوف تحصده أنقرة بالرضا الدبلوماسي، ولا دور عسكرياً ممكناً داخل الأراضي السورية من دون تكاليف باهظة.
هذا أخطر أنواع العقاب الروسي. إنه تحجيم الدورين العسكري والدبلوماسي لتركيا لأقصى حد ممكن.
تكثيف الغارات الروسية فوق المنطقة المفترضة للنفوذ التركي في اليوم التالي لاستهداف طائرتها توجه استراتيجي ليس عشوائياً، بل انتقام ممنهج لا خطابي. لن تكون هناك منطقة آمنة تركية.
هذه رسالة روسية بقوة القصف، ترد على النيران التي استهدفت طائرتها. قوة الدور الروسي أنه يتحرك في بيئة عامة تذكي تدخله العسكري بما لم يكن يحلم به.
بعد العمليات الإرهابية التي روعت باريس وشلت بروكسل وهزت عواصم أوروبية أخرى، وأثارت ذعراً في واشنطن استدعى تحذيراً من البيت الأبيض يدعو مواطنيه إلى عدم مغادرة البلاد؛ تبدت وجاهة عملية في التدخل الروسي على المسرح السوري.
التوجه الفرنسي الصريح للتعاون العسكري مع روسيا في ضرب مواقع «داعش» تطور جوهري يؤكد الثقة في جديتها بالحرب على الإرهاب، ويشكك في الوقت نفسه بأي استراتيجية أمريكية.
كما أن ارتفاع معدلات العنف والإرهاب في المنطقة، الذي ضرب بقسوة في تونس وبيروت، ولاحت مجدداً أشباحه في سيناء، يؤكد ضرورة أن تكون الحرب على الإرهاب أكثر جدية واستراتيجيتها أكثر حزماً.
بأي معنى وسياق الحرب مع الإرهاب باتت «عالمية»، وثمة إدراك دولي متزايد بأن أي مواجهة حازمة معه تستلزم التوصل إلى تسوية للأزمة السورية، حتى يصبح ممكناً إنهاء «داعش» في حاضنتها الرئيسية التي امتدت نيرانها إلى قلب أوروبا؟!
ليست هناك مصلحة لأحد الآن باستمرار الأزمة السورية وتفشي الإرهاب. بعض الذين صنعوا «داعش» وموّلوه وسلحوه اكتووا بنيرانه. واتهام «بوتين» لتركيا بدعم «داعش» من أسباب التوتر بين البلدين.
غير أن القضية ليست في المناكفة الكلامية بقدر ما هي أن يعمل كل طرف على إثبات أنه قد قطع أواصره مع الذين يروعون ويقتلون؛ حيث يمكنهم الترويع والقتل.
من المتوقع أن تضغط موسكو إعلامياً ودبلوماسياً بورقة الدعم التركي ل«داعش» لوضع أنقرة في قفص الاتهام أمام الضمير الإنساني المروع. وأنقرة لن تتردد في النفي؛ غير أن الوقائع تخذلها، وحججها لن تسعفها، فقد أوغلت إلى حدود يصعب إنكارها.
في الفجوة الواسعة بين الاتهام والنفي قد ترتفع فرص الرئيس السوري «بشار الأسد» على البقاء في موقعه لفترة مقبلة أكثر مما كان متوقعاً.
الذين هللوا لإسقاط الطائرة الروسية لا يدركون حجم الحماقة التي اُرتكبت.
حيث يطلبون رحيل «الأسد» فإنهم يثبتونه.
يكفي أن يطالب «أردوغان» برحيله حتى يتأهب «بوتين» لكي يكون أكثر تشدداً في تغيير حقائق القوة على الأرض، حتى يصبح مثل هذا الطلب شبه مستحيل.
القضية ليست السوخوي ولا مستقبل «الأسد» بقدر ما هي صراع ضارٍ على النفوذ والقوة في الإقليم المشتعل بالنيران.
في صراعات النفوذ والقوة يصعب الادعاء بأن حادثاً مثل إسقاط السوخوي الروسية هو كل الأزمة.. الحقيقة أنه يكشف حقيقة الأطراف المتنازعة، ويضع مستقبل الإقليم أمام اختبارات صعبة جديدة.

(المصدر: الخليج 2015-11-29)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد