قرار مجلس الأمن قرار " فارغ " !
اعتبر مجلس الأمن في قرار أصدره بالإجماع نهاية الأسبوع تنظيم الدولة " داعش " بأنه تهديد عالمي للسلم والأمن الدوليين : " "يطلب من الدول التي لديها القدرة على ذلك أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة، بما يتفق والقوانين الدولية ولا سيما قوانين الأمم المتحدة، في الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق". وأن " الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مدعوة إلى مضاعفة جهودها وتنسيق مبادراتها بهدف منع ووقف الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تحديدا تنظيم الدولة وكذلك مجموعات متطرفة أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة ، واعتبر المجلس " أن تنظيم الدولة يمثل "تهديدا عالميا وغير مسبوق للسلام والأمن الدوليين وأن المجلس مصمم على مكافحة هذا التهديد بكل الوسائل" .
"مشروع " القرار الفرنسي الذي أصبح قرارا بعد التصويت عليه ، جاء مغايرا للمشروع الروسي الذي كان يريد أن يحيي نظام الأسد وهو رميم ، من خلال تأكيده على دور للنظام في محاربة الإرهاب وبطريقة ملتوية ، إلا أن الفرنسيين الذين قدموا ورقة زرقاء ( تعني في العرف السياسي أنها نهائية ) نجحوا في إقناع الروس بقرارهم وهكذا مضى الأمر .
أعتقد ، ومن موقع المتابع والمحلل ، أن المواقف الدولية لا زالت على تبايناتها ، إذا أخذنا بالإعتبار أن القرار لم يصدر بموجب الفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة ، وأبقى الباب مواربا للقيام بجهود " محاربة الإرهاب " كل وفق رؤيته وقدرته ومصالحه الإستراتيجية ، حتى وإن كان الجميع متفقا على خطورة التنظيم على الجميع بلا استثناء .
لا تغيب هنا أجواء الحرب الباردة التي عادت بقوة بعد قضية أوكرانيا ، وعقب مواقف الروس المتطرفة في المنطقة ، وتحالفاتهم الإقليمية والدولية التي تشير كلها إلى أن أجواء ما قبل انهيار جدار برلين 13 أغسطس 1961 - 9 نوفمبر 1989 بدأت تخيم على المنطقة والعالم وإن كان بوتيرة أقل زخما وأضعف خطرا .
الجديد في القرار الفرنسي " الأممي " ، أن نظام الأسد كان يحتل المرتبة الأولى في سلم الأعداء ، أما الآن ، فإن " داعش " هو العدو الاول للفرنسيين ، وأيضا لكل دول العالم وهنا تكمن المسألة .
فإذا كان تنظيم داعش الإرهابي هو العدو الاول للفرنسيين وللعالم الذي صوت بهذا الإتجاه ، فماذا يكون نظام الأسد بالضبط ، وهل هو في المرتبة الثانية ، أم العاشرة ؟ ولماذا لم يقل أحد كيف سيتم القضاء على داعش من دون عمل بري ؟ .
كل المؤشرات تؤكد ، بأن الرئيس أوباما ليس له أي خيار بري سوى قوات الحماية الكردية والمستشارين ، أما الروس ـ فإن خيارهم البري يتمثل في ما يطلق عليه " قوات الدفاع الوطني " ومن أجل ذلك فإنهم يتنازعون هؤلاء مع الإيرانيين الذين هم من كان وراء تشكيلهم وتدريبهم ، ولن يكونوا لقمة سهلة تعمل مع بوتين كقوة أرضية مرادفة، في نفس الوقت الذي لا تستطيع فيه موسكو الإعتماد على قوات الحرس الثوري الأيراني وحزب الله المتواجدين على الأرض في سوريا ، لأن هؤلاء ولاؤهم للمرشد وليس للكرملين ، وأعتقد أن هذا ما دفع الرئيس بوتين إلى القول بأن العمل الجوي والقصف الصاروخي ليس كافيا ، مما يوحي بأن الروس مقبلون على عمليات مختلفة قد تكون خاطفة وخاصة في سيناء التي احتضنت حطام الطائرة المنكوبة ، ولا أعتقد أنهم ينوون أبعد من عمليات كوماندوز بموافقة إسرائيلية مصرية ، ، أما الأتراك فإن أولى غاراتهم على مواقع داعش لدعم مقاتلين على الأرض جاءت السبت ، وذلك بعد توفير غطاء جوي للمعارضة المسلحة " المعتدلة " ، والتي تعتمد عليها تركيا في التمهيد لإقامة المنطقة الآمنة ، مع التذكير أيضا أن الجيش الحر والفصائل المذكورة هي في الحقيقة ذراع تركي خليجي مسلح ، وهو ما لا يخفى على المراقب .
لقد صدر قرار بالإجماع من مجلس الأمن ، ولكنه قرار فارغ ، لم يضع خطة عمل ولم يوزع مهمات أممية لقتال التنظيم ، ولم يذكر مجرد ذكر ، أي استخدام للقوة ، إلا بمقدار ما تفعله الدول منفردة ، فالمهم القضاء على داعش ، ولكن داعش هذه ، قد تكون مفيدة - أحيانا لبعض الدول ، من أجل تحقيق أهدافها واستراتيجياتها في المنطقة وفي العالم ، أما السوريون ومواطنو الإقليم كله الذين يكتوون بداعش والميليشيات الشيعية الإجرامية المدعومة من إيران فليذهبوا جميعا إلى الجحيم .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews