الكوبيون ذوو الأصول الأفريقية يحاربون من أجل المساواة
يقول ليوناردو كالفو كارديناس: «قبل أكثر من نصف قرن، أصدر فيدل (كاسترو) مرسوما بإنهاء التمييز العنصري». غير أن هذا على حد قول كارديناس «لم يفض إلى شيء سوى زيادة عمق المشكلة ودرجة تعقيدها».
ينتمي كالفو كارديناس إلى الكوبيين ذوي الأصول الأفريقية – وهي جماعة عرقية تمثل نحو نصف سكان كوبا، ولكنها ليست ممثلة بالقدر الكافي في قيادتها السياسية ووسائل إعلامها وطبقة رجال أعمالها الناشئة. لم يكن كالفو كارديناس يتابع المشهد من الخارج دائما. فقد حدثني خلال زيارة إلى واشنطن هذا الشهر قائلا: «كنت مدير متحف لينين».
غير أن أيام كالفو كارديناس في متحف لينين انتهت نهاية مفاجئة عام 1991، عندما فقد هو وصديقه مانويل كويستا موروا، المؤرخ في «بيت متحف أفريقيا» (كازا دي أفريكا ميوزيام) في هافانا، وظيفتيهما بعد توجيههما انتقادات علنية لنظام كاسترو لعدم تبنيه النهج الديمقراطي. ومضى الاثنان في طريقهما نحو تشكيل جماعة اشتراكية ديمقراطية يوجه لها النظام مضايقات بشكل دائم، ولكنه، على غير المعتاد، لم يطح بها.
«كنا أول حركة سياسية بديلة عارضت الحظر الأميركي بشكل معلن»، هذا ما قاله كويستا موروا، الذي رافق كالفو كارديناس في زيارته. وأضاف: «هذا يصعب على الحكومة الكوبية بدرجة أكبر منحنا نوع التعامل نفسه الذي لم يحظ به المعارضون الآخرون».
وفي عام 2008، انضم الاثنان إلى نشطاء آخرين لتشكيل لجنة المواطنين للاندماج العنصري – وهي منظمة يعتبر اسمها بمثابة إشارة لجنتهم الخاصة بالعمال المحاصرين.
«سكان كوبا ذوو الأصول الأفريقية قابعون في قاع الهرم الاجتماعي»، هذا ما قاله خوان أنطونيو مادرازو لونا، المنسق الوطني للجنة، أثناء رحلة أخيرة قام بها. وكما هو الحال في كل دولة أخرى في نصف الكرة الغربي، أضاف كارديناس: «تمتلك كوبا بالأساس قوة عاملة مؤلفة من طبقات عرقية. ورغم خطاب الحكومة المنادي بالمساواة، يظل ذوو الأصول الأفريقية مستبعدين من أكثر الوظائف الواعدة».
لم يتهم أي من ممثلي اللجنة أفراد أسرة كاسترو بإضمار صور من التحيز العنصري. وتكمن مشكلة أفراد أسرة كاسترو والحزب الشيوعي مع اللجنة في أن قيام حركة مستقلة تنادي بالمساواة بين الأعراق تعتبر تفنيدا حيا لفكرة أنه، بعد اضطلاع الحزب الشيوعي بالسلطة لأكثر من 50 عاما، لم يحقق المساواة. وتتمثل مشكلة أخرى بالنسبة للحزب في أن أي حركة مستقلة لا تخضع لسيطرته بشكل متأصل. وبالنسبة للكوبيين ذوي الأصول الأفريقية، يقف قمع الحزب للمجتمع المدني حجر عثرة في الطريق نحو المساواة.
في السنوات الأخيرة، ساهمت الأزمات الاقتصادية في كوبا في جعل الشقاقات العنصرية في الدولة أكثر وضوحا. غير أن «الحكومة لم تشن حملة شعبية مناهضة للتمييز العنصري»، بحسب مادرازو، إذ إن القيام بذلك قد يستلزم الاعتراف باستمرار التفرقة العنصرية في ظل الحكم الشيوعي الكوبي. ومن ثم، شكل النشطاء الكوبيون ذوو الأصول الأفريقية اللجنة بأنفسهم. ولا تروج الجماعة للمساواة بين الأعراق فحسب، وإنما أيضا تمنح جوائز سنوية للنشطاء الحقوقيين ومؤيدي التعددية.
وفي فترة أكثر قمعا بالطبع، سوف يتجرع قادة اللجنة كؤوس الألم في السجن وستجرى أنشطتهم سرا، إن تمت بالأساس. واليوم، يشجع الشيوعيون موجة متواضعة من ريادة الأعمال محدودة النطاق، رغم أن تحولا نحو اقتصاد موجه للسوق بدرجة أكبر لا يعتبر ضمانا لإرساء الديمقراطية، كمثال الاتحاد السوفياتي في عشرينات القرن العشرين، ومثال الصين شديد الوضوح في الوقت الحاضر.
ومع ذلك، فقد أتيحت مساحة سياسية محدودة لا يشغلها الحزب في كوبا، وتعتبر اللجنة واحدة من بين عدة مجموعات تسعى لتوسيع نطاقها، على نحو لا يخلو من بعض المخاطر.
«عندما نعقد منتديات عامة على مستوى المجتمع، عادة ما يلقى القبض علينا»، هذا ما قاله كويستا موروا. وأضاف: «لكن بعدها، يطلقون سراحنا. لقد تغيرت أساليب القمع. إن عقوبات السجن لفترة طويلة لم تضعف حركة حقوق الإنسان؛ بل وطدتها».
لا يحمل قادة اللجنة أي أوهام مفادها أن سقوط النظام ومؤسسة الحكم الديمقراطي من شأنه أن يقضي على التمييز الطبقي بين الأعراق في الدولة، هذا ما قاله كويستا موروا، مضيفا «هذا لا يضمن إرساء الديمقراطية في المجتمع».
ومع ذلك، يؤكد قادة اللجنة على أن كوبا لا يمكن أن تصبح أكثر مساواة قبل أن تصبح أكثر ديمقراطية. وتعجب كويستا موروا من أنه لا يزال هناك البعض من اليسار الأميركي ممن خرجوا في مسيرة مع مارتن لوثر كينغ أو يبدون تعاطفهم معه اليوم، إلا أنهم يدعمون نظاما كوبيا لا يمكن أن يسمح مطلقا بمسيرة مماثلة في البلاد.
وقال: «لدينا رسالة لليسار الأميركي، خاصة تيار اليسار من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية. هناك كوبيون منسيون وغير ظاهرين، وكثير منهم من أصل أفريقي، وكثير منهم ليسوا كذلك. إنهم لا يعيشون في المدينة الفاضلة التي ما زال بعض الأميركيين يتخيلها. إنهم يعيشون في كوبا».
( المصدر : الشرق الأوسط - واشنطن بوست )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews