هجمات باريس .. وخطة كيري - لافروف للحل في سوريا
" 1 "
كيري ولافروف: حل بوجود الأسد
يبدو أن الأمريكيين والروس توصلوا إلى نقاط التقاء بشأن الأزمة السورية ، وذلك خلال اجتماع فينا الأخير الذي عقد وزيرا البلدين بشأنه السبت مؤتمرا صحفيا أكدا فيه على العملية السياسية والأمنية التي اقترحتها اللجان التي اختصرها دي مستورا بلجنتين ، وسط رفض من السعوديين والأتراك والقطريين من جهة ، والإيرانيين وحلفائهم من جهة أخرى ، والذين يشترطون وقفا لإطلاق النار أولا قبل الحديث عن أي عملية سياسية ، وكما يبدو ، فإن وجهة نظر الأيرانيين هي التي سادت في النهاية .
لماذا نقول ذلك ؟
لأن ما قاله الوزيران في فينا ، وكذلك ما قاله ديمستورا الذي كان يتوسطهما خلال المؤتمر ، يتحدث عن " وحدة وطنية " ليس إلا ، متجاهلين صيغة " الحكم الإنتقالي " الذي يعني فترة انتقالية بصلاحيات كاملة ، وهو ما كان مقبولا من وجهة نظر المعارضة ، وإذ بالوزيرين يقلبان ظهر المجن ، ويؤكدان على هذه الصيغة التي تعني مشاركة الأسد وأجهزته الأمنية التي هي أجهزته الإدارية بالضرورة ، في الفترة الإنتقالية المذكورة ، وهو ما ينسف كل ما ورد في بيان جنيف الذي وافق عليه الجميع وماطل فيه النظام وحلفاؤه .
واللافت في الأمر ، أن الصيغة التي طرحها كيري ولافروف ، تتضمن تصنيف الفصائل الإرهابية من الفصائل المعتدلة ، وقد حدد كيري كلا من تنظيم الدولة " داعش " والنصرة بالإسم ، ولكن سيلحق هذين الأسمين أسماء فصائل أخرى لن تبتعد عن أحرار الشام ولا - ربما - جيش الفتح ، أو غيرهما ، والتصنيف المذكور كلف به ديمستورا ممثلا عن الأمم المتحدة ، وبعد ذلك ، سيتم إعلان وقف لإطلاق النار من قبل مجلس الأمن ، يتبعه حرب وقصف لا هوادة فيه على الفصائل غير الواردة في لائحة ديمستورا ، واللافت أن حزب الله لن يرد اسمه في اللائحة " الإرهابية " ولا الحرس الثوري المتواجد في سوريا بالآلاف ولا الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والنجباء وغيرهم ، فهؤلاء جميعا معتدلون لا بأس من وجودهم على الأرض السورية ، ولكن الويل والثبور ، وعظائم الأمور ستنصب على رؤوس أي فصيل سوري غير خاضع أو غير منسق مسبقا مع الغرب أو الشرق ، طالما أننا نتحدث هنا عن تقاسم نفوذ روسي أمريكي بات واضحا للعيان .
لهذا السبب - باختصار - سيفشل مشروع كيري - لافروف ، لأنه مشروع إيراني بالأساس ، ولن يكتب له النجاح ، في انتظار تحرك الحلف الثلاثي : تركيا - السعودية - قطر ، الذين لا زالوا يرفضون فكرة بقاء الأسد ، واستبدال المرحلة الإنتقالية ذات الصلاحيات المطلقة ، بالصيغة التي طرحها الوزيران ، والتي يشارك في فترتها الإنتقالية كما قلنا ، بشار وأجهزته القمعية المجرمة .
***
" 2 "
تداعيات هجمات باريس
لا يملك المرء إلا أن يدين هجمات باريس الإرهابية التي راح ضحيتها مئات الأبرياء من القتلى والجرحى ، وكذلك إسقاط الطائرة الروسية وهجمات الضاحية الجنوبية ، حيث أعلن تنظيم الدولة " داعش " مسؤوليته عنها ليدلل هذا التنظيم الإرهابي من جديد أنه يعيش بالدماء والأشلاء كما يقول في أدبياته ونشراته .
لقد جاءت هجمات باريس بعد يومين من نشر التنظيم شريط فيديو باللغة الروسية ، يهدد فيه موسكو بهجمات تجعلها تغرق بالدماء " كما ورد في التسجيل ، ثم ما لبث أن ضرب في فرنسا ،وكأن تسجيل روسيا لم يكن سوى شريط تضليلي مقصود ، دون أن يعني هذا أن التنظيم لن يضرب في روسيا إن استطاع .
وإذا كان عدد ضحايا هجمات باريس وصل إلى 129 قتيلا و352 جريحا حتى فجر الأحد ، بينهم 99 في حالة حرجة ، ، وأيضا إذا كان ضحايا الضاحية الجنوبية من الأبرياء يفوق الـ 41 قتيلا و200 جريح ، ومن قبل هذا ضحايا الطائرة الروسية الذين وصلوا إلى 224 ضحية ، ، فإن هذه الأرقام تشير إلى أن تنظيم داعش بدأ يوسع نشاطاته خارج حدود دولته المزعومة ، أي أن شعاره الذي رفعه عند إعلانه دولته وهو " باقية وتتمدد" بدأ يتغير وفق المستجدات ،حيث كان تركيزه مقتصرا على حدود الأراضي التي يحتلها وما حولها ، أما الآن ، فبدأ في توسيع عملياته خارجيا ، وهو ما نجح فيه فعلا ، ما يعني بأن خطورة هذا التنظيم باتت أشد ووسائله وأساليبه باتت أنكى .
.
هجمات باريس سيكون لها ما بعدها ، فمن جهة التنظيم ، فقد أثبت قدرته على تسديد هجمات إرهابية مؤلمة أكثر من أي وقت مضى ، إذ من غير المنطقي أن ينطلق ثمانية إرهابيين وينفذوا هجمات متزامنة ،برشاشات وأحزمة ناسفة بدون أي دعم لوجستي ، وعمل منظم ، ومن هنا ، فإن نظرية " الذئاب المنفردة " غير واردة الآن في عملياته الخارجية ، مما جعل جميع دول العالم في حالة أستنفار .
ولقد غاب عن هذا التنظيم الغبي ، أن عملياته هذه ستجر على العرب والمسلمين في الغرب ويلات كانوا في غنى عنها ، ولو أخذنا فرنسا مثالا نقيس عليه جميع دول الإتحاد الأوروبي ، فإنه وبمجرد إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند حالة الطوارئ ، وهو ما فعله بعد الهجمات ، فإن كل شيء بات في قبضة الأجهزة التنفيذية ، بحيث أصبح الإعتقال والإحتجاز والتفتيش والمداهمات لأبناء الجالية المسلمة أو المسلمين الفرنسيين متاحا وفي متناول اليد ، حيث لا محامين ولا قانونيين إلى حين انتهاء هذه الحالة التي قد تمدد إلى ما هو أكثر من 12 يوما النافذة الآن .
لقد ضرب الإرهابيون في ستة أماكن في باريس ، وضربوا الأبرياء الآمنين في مساكنهم في ضاحية بيروت ، وضربوا من قبل المسافرين إلى بلادهم بعد قضاء إجازاتهم قي شرم الشيخ ، الأمر الذي ينذر بأن هزيمة هذا التنظيم ستكون صعبة ، ما لم يتكاتف العالم كله من أجل استئصاله من جذوره ، وهو ما يجب أن يعمل عليه الجميع الآن ، وفورا .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews