هيلاري في تاريخ الانتخابات الأميركية
رسميا لم يتبقَ سوى عام واحد على الانتخابات الرئاسية، فالوقت يمر كالبرق، أليس كذلك؟ مرة أخرى نشاهد مناظرات نرى فيها ما يشبه الممثلين المساعدين في فيلم «بن هور»، ومرة أخرى نسأل أنفسنا لماذا تأتي ولاية أيوا دومًا في المقدمة؟ ومرة أخرى، نتعجب ما إذا كانت هيلاري كلينتون سوف تدخل التاريخ بأن تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة.
وفي محادثة هاتفية، قالت كلينتون إنه «من الصعب أن تصدق أن هناك عامًا آخر»، وهي تتحدث من منظور رؤية النصف الفارغ من الكوب. كانت هيلاري في طريقها للمطار في جولة لجمع التبرعات لحملتها من خلال كاليفورنيا لم يقطعها سوى الظهور في برنامج مسائي يقدمه جيمي كيميل. ولدى سؤالها عن استعداداتها لحملة الترشح على مدار العام القادم، أجابت كلينتون بابتهاج، الأمر في غاية البساطة: «نستيقظ كل صباح لنفكر ما نفعله ذلك اليوم خطوة بخطوة».
أضافت هيلاري: «المشوار ما زال طويلاً»، بينما يرى كل الناس أن الأمر يتطلب الكثير من الدقة، وأردفت: «لكن الأمر هذه المرة به قدر كبير من المتعة، لأنني أشعر أن أداءنا أفضل».
كنا هنا جميعًا من قبل، تقصد حملة هيلاري السابقة كأول مرشحة رئاسية، غير أنه من الصعب القول: إن فكرة مرشحة رئاسية هي فكرة جديدة.
فكلينتون هي المرأة الوحيدة التي فازت في الجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية، ولم يسبقها سوى مرشحات خرجن من الجولات الأولى مثل مرشحة الحزب الجمهوري مارغريت تشيس سميث عام 1964. ومرشحة الحزب الديمقراطي شيرلي كيشلوم، التي لم يكن لها سوى 152 مندوبا عام 1972، (حيث كان هناك الكثير من الطرق للحصول على عدد بسيط من المندوبين من دون خوض جولة الانتخابات الرئيسية في ذلك الوقت).
وإذا نظرنا إلى تاريخنا بشأن المرشحات السيدات، يجب أن نستهل بفيكتوريا وودهول التي ترشحت عن حزب الحقوق المتساوية عام 1872. وما زالت تحتفظ وودهول بالرقم القياسي في النتائج الفاشلة، حيث أمضت يوم الانتخابات في السجن بعدما ألقى المارشالات الفيدراليين القبض عليها بدعوى ترويجها لصحيفة فاحشة. كان السبب في ذلك هو محاولة وودهول فضح سياسة الكيل بمكيالين التي يتعامل بها الناس مع العلاقات الجنسية بأن نشرت خبر علاقة زعمت أن القس الشهير هنري وورد أقامها مع إحدى بنات الكنيسة. انتهى الأمر بأن غادرت وودهول البلاد منهكة بالمعارك التي خاضتها. في حين قامت الكنيسة برفع قيمة راتب القس إلى 100 ألف دولار سنويا وأبرمت اتفاقا مع شركة «صابون بيرس» تقول: «إذا كانت النظافة من الإيمان، فالصابون طريق للفضيلة».
كانت هناك قائمة طويلة من النساء اللاتي ترشحن في الانتخابات بعد وودهول كطرف ثالث، أو كمرشحات محتجات، الكثيرات منهن كن محبوبات، غير أننا لن نتطرق للحديث عن الممثلة الكوميدية غريسيا ألين التي ترشحت للانتخابات عام 1940 عن حزب «سيربرايز بارتي»، ولن نتحدث كذلك عن جورجينا دورشنك التي ترشحت عن الحزب الجمهوري في نيوهامبشاير عام 1996 ببرنامج مناهض للتكنولوجيا. فقد وعدت هذه المرشحة أنها في حال فوزها فسوف تصدر مرسومًا فورًا يحظر استخدام كل أجهزة الكومبيوتر. كانت حملتها لافتة للأنظار، خاصة أن دورشنك كانت تعمل ناشرة صحافية على جهاز كومبيوتر. لكننا لن نخوض كثيرا في هذا الأمر.
لكن علينا هنا أن نتحدث عن مارغريت شيس سميث، أول امرأة يوضع اسمها كمرشحة في اجتماع لحزب الأغلبية. أفادت هيلاري أن «أول مرشحة في السياسة عرفتها كانت مارغريت شيس سميث»، مضيفة: «أستطيع أن أتذكر عندما تصفحت مجلة (لايف) وقرأت عن تلك السيدة التي دخلت مجلس الشيوخ الأميركي، فلم أكن أعلم شيئا عنها من قبل».
هناك أيضا السيدة سميث التي قضت سنوات خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي كامرأة وحيدة في مجلس الشيوخ، وكانت أول امرأة تقف أمام جوزيف مكارثي وساحراته، وكانت شجاعتها مثار إعجاب الكثيرين للدرجة التي جعلت بعض الجمهوريين يتحدثون عن إمكانية تعيينها نائبة لرئيس البلاد عام 1952، غير أن قادة الحزب رأوا أن اختيار ريتشارد نيكسون سوف يكون خيارًا أفضل.
في النهاية، حاولت سميث عام 1964 الترشح للرئاسة بشكل مستقل، وسلكت في سبيل ذلك ثلاث طرق. فحسب صحيفة محلية، قصرت سميث حملتها الدعائية على أيام عطلة نهاية الأسبوع فقط «حتى لا تخسر سجلها الخالي من أي غياب عن جلسات مجلس الشيوخ منذ عام 1955». تخيل أن تعيش في عالم ظريف للدرجة التي تجعل مرشح رئاسة يحرص على سجل حضوره خاليا من أي غياب، وأشارت الصحيفة كذلك لما هو أكثر طرافة، وهو أن حملتها الدعائية تكلفت «355 دولارا فقط».
سميث دخلت التاريخ بالفعل، إلا أنها لم تترك بصمة حقيقية في الانتخابات، إذ لم يأخذ الناس ترشحها مأخذ الجد، وكانت حملة جمع التوقيعات لصالحها مجرد تسلية، إذ رشح الجمهوريون باري غولدووتر في النهاية.
جاءت اللحظة الكبرى للجمهوريين في عام 1972 عندما ترشحت كيشلوم للانتخابات الرئاسية، وهي أميركية من أصول أفريقية، وكان من الممكن أن تحقق إنجازًا مزدوجًا حال فوزها. كان الحزب في حاجة إلى فائز، ولذا رشحوا جورج ماكغوفرن.
هل لاحظت تطورًا ما هنا؟
في حين لم تبلِ كارلي فيورينا بلاءً حسنًا في الحزب الجمهوري، فقد كانت أول مرشحة رئاسية جادة منذ ميشيل باتشمان. دعونا نسدي معروفًا للحزب بأن نقول إليزابيث دول التي ترشحت عام 2000، حيث تولت دول عملاً وزاريًا في الحكومة مرتين وتولت رئاسة الصليب الأحمر الأميركي، ولأنه كان من الواضح أنها لن تستطيع هزيمة جورج بوش في الانتخابات، توقع الكثيرون تعيينها نائبا للرئيس، لكن بوش اختار ديك تشيني بدلاً عنها. تخيلوا كيف كانت الأمور ستتغير لو أن الأمور سارت بشكل مغاير.
من ضمن ما ورد في هذا الموضوع عبارات تقول: إنهم ما كان لهن أن يؤدين أسوأ مما أدين، بينما يعلق آخرون على دخول السيدات معترك السياسة لتقلد مناصب بقولهم إن هناك طابورًا طويلاً من الزوجات على هيئة شخصيات، حيث كانت دول زوجة للمرشح الرئاسي السابق بوب دول، ومارغريت شيس سميث كانت زوجة ومديرة مكتب لعضو الكونغرس كلايد سميث، وورثت مقعده بعد وفاته.
كانت نيلي تيلور أول سيدة تتقلد منصب محافظ ولاية، وفازت في انتخابات خاصة في مدينة وايمينغ لتخلف زوجها عام 1925، وكانت هاتي ويات كاراواي من ولاية أركنسو أول سيدة عضو في مجلس الشيوخ، وقد عينت لتخلف زوجها.
(المصدر: نيويورك تايمز 2015-11-11)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews