الدرس الألماني للكرة الجزائرية
ربما لا يصدق الرياضيون في الجزائر أن المنتخب الوطني الألماني لكرة القدم ومنذ 1962 أشرف عليه تسعة مدربين فقط، فمثلا المدرب الحالي لوف يوجد على رأس العارضة الفنية منذ 2006، وله الحرية في اتخاذ القرارات التي يراها مناسبة لمنتخبه، والكل في ألمانيا وراء منتخبهم وأنديتهم، فعندما ترى بايرن ميونيخ الألماني يحتضن لاعبيه السابقين ويمنح لهم فرصة البروز في الميدان بالإشراف على الفئات الشبانية، والاستفادة من تجربتهم وخبرتهم، فلاعبون سابقون مثل بكانباور وهيونس ورومينيغي هم من يمثلون النادي الألماني وآراؤهم تؤخذ بعين الاعتبار.. سياسة تنتهجها أغلب الفرق والمنتخبات الأوربية للبقاء في القمة، والفوز والتتويج بمختلف المسابقات القارية والدولية لأنهم ببساطة يعترفون بقدرات أبنائهم التي توصلهم دائما إلى القمة، ولا يتنكرون لهم لأنهم صنعوا أمجاد وأفراح وتاريخ فرقهم وبلدهم.
أردت الحديث عن المنشافت الألماني لأنه النموذج الناجح في الكرة العالمية، وربما يستفيد منه المسؤولون عن الكرة عندنا، بداية من المنتخبات الوطنية إلى أصغر فريق في الجزائر، فالأرقام التي بحوزتي قد لا يتقبلها العقل ويجهلها الكثير، فإذا كان الألمان مثلا قد دربهم تسعة مدربين منذ 1962، فالجزائر أشرف عليها 58 مدربا منذ الاستقلال، وبعضهم درب "الخضر" في خمس مناسبات على غرار سعدان وزوبا، والبعض الآخر ثلاث مرات أو مرتين، وهناك حتى من أشرف على مباراة واحدة فقط.
اللااستقرار الذي ساد الكرة الجزائرية جعلنا مثلا منذ سنة 2000، نضطر إلى الاستنجاد بأكثر من 10 مدربين على غرار ماجر وزوبا وليكنس وسعدان وواساج وفرقاني وإيغيل وبن شيخة وخاليلوزيتش والمدرب الحالي كريستيان غوركوف.
عندما نسمع المحللين والنقاد وحتى أصحاب القرار في الجزائر يتحدثون عن ضرورة إقالة المدرب الوطني كريستيان غوركوف، وتعويضه بناخب آخر أحسن منه قد يكون خاليلوزيتش أو رونار أو كابيلو أو أي مدرب يمكنه تقديم الإضافة إلى منتخبنا الوطني، أجد نفسي مجبرا على تسمية هؤلاء بأعداء النجاح، لأن هذا الفرنسي الذي يدرب منتخبنا "عيبه" الوحيد هو أنه لم يتقبل ما يملى عليه ولاحظ تغير الأشخاص بين عشية وضحاها.. ماذا سيحدث لو أن اتحاديتنا تركته يعمل لسنوات أخرى ومنحته الحماية الخلفية وساعدته وساندته، ربما سنحصد ألقابا ونكون جيلا من اللاعبين؟ ألم يمدحوه بشدة قبل مجيئه؟ وقيل عنه إنه الأحسن، وهو الذي يليق لأغلب هؤلاء اللاعبين المكونين في فرنسا لأنه ببساطة هو الذي يكون المدربين الذين تدرب عندهم لاعبو "الخضر".
هناك كثير ممن لا يريدون الخير لفريقنا الوطني، ويعملون على تحطيم هذا المنتخب، الذي حقيقة وإن لم يظهر بوجه مشرف في المباراتين الأخيرتين أمام غينيا والسنغال، إلا أن عوامل التأهل لكأسي إفريقيا والعالم متوفرة، ولم يبق سوى ضبط بعض الأمور مع اللاعبين لتحقيق أهداف بإمكاننا الوصول إليها دون مشاكل ولا ضجة إعلامية "مقصودة".. لا أظن أن الألمان أقالوا يوما مدربا لأن منتخبهم لم يلعب جيدا أو خسر مناسبة كروية كبيرة، لأنهم دائما يبحثون عن أسباب الخسارة أو الانهزام ويعالجونها للوصول إلى القمة. أنا متأكد أنه حتى ولو نجلب أحسن مدرب في العالم فلن يغير شيئا لأن المحيط الكروي متعفن، وما يحدث في ملاعبنا من عنف ورشوة ومنشطات لا أحد استطاع إيجاد حلول له، لأن "غوركوف" هو السبب وسيغادر منصبه قريبا وسنجد حلولا لكل مشاكلنا الكروية.. والله المستعان.
(المصدر: الشروق الرياضي 2015-10-23)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews