عن معاني عودة هادي إلى اليمن
يتبين من المعطيات التي تحدث على أرض الواقع في اليمن، أن المشروع الانقلابي الذي نفذته ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح منذ ما يقارب السنة، بدأ يلفظ أنفاسه. وتقدم قوات الشرعية اليمنية الدستورية واضح، وقد اقترب من استعادة العاصمة صنعاء، بعد أن تجاوز خطوط دفاع الانقلابيين الحصينة في محافظة مأرب.
ومع عودة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور إلى مدينة عدن، بعد غياب استمر ستة أشهر، يتأكد أن مندرجات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 التي تنص على عودة السلطة الشرعية، وبسط نفوذها على البلاد، بدأت تأخذ مجراها الطبيعي، والانفلات المتهور الذي قامت به ميليشيات الحوثي - صالح، بدأ ينحسر شيئاً فشيئاً، ومعالم الهزيمة لمشروع الانقلابيين توضحت، ولكن تكلفتها كانت كبيرة جداً، من دماء أبناء الشعب العربي في الخليج، وفي اليمن خصوصاً، ومن ممتلكاته، وما زالت التضحيات قابلة للازدياد، طالما بقيت مغامرات المكابرين قائمة.
الأحداث في اليمن ليست حرباً أهلية؛ ذلك أن التدخلات الخارجية - خصوصاً الإيرانية - كانت واضحة، ومعلنة في أغلب الأحيان. لقد رفضت إيران المبادرة الخليجية التي أعلنت في 18-5-2011، لحل الأزمة اليمنية الناتجة عن تطور الصدام بين الحراك الشعبي والأجهزة العسكرية للرئيس المخلوع علي عبد صالح، والتي كادت تغرق البلاد في بحر من الدماء. كما بدأت السلطات الإيرانية بتزويد ميليشيات عبد الملك الحوثي بالسلاح، عن طريق موانئ في اريتريا، ومن خلال سفن تجارية مموهة، كما حصل مع باخرة «جيهان» الإيرانية التي أوقفتها سلطات ميناء عدن في 6-2-2013، وكانت محملة بالسلاح المتطور لمصلحة الميليشيات المعارضة للحكومة.
الهدف الإيراني من تقويض الشرعية والسيطرة على اليمن، يحمل أبعاداً عدة، منها توسيع نفوذ طهران في المنطقة، واستخدام اليمن وموقعها الاستراتيجي - لاسيما مضيق باب المندب في البحر الأحمر - في سياق تجاذبات طهران الدولية مع الولايات المتحدة والدول الكبرى، خصوصاً في مرحلة المفاوضات التي خاضتها مع مجموعة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن + المانيا، حول ملفها النووي، قبل أن تتوصل لاتفاق معها في يوليو/تموز 2015.
أما في الجانب الثاني من الأهداف الإيرانية؛ فيبدو واضحاً أن طهران تريد استخدام الملف اليمني للضغط على دول الخليج العربية تمهيداً لجر هذه الدول إلى مواجهات عقيمة، وليست مجدية، ولا تدرّ أية منافع على شعوب المنطقة.
أما في الوجه الآخر للطموحات الإيرانية، فقد تكشفت مجموعة من الاعتبارات التي تحمل رؤى، عقائدية وأيديولوجية، لا تتلاءم مع المفاهيم التسامحية للتنوع الإسلامي الذي تحتضنه اليمن، وبقية دول المنطقة. هذا التنوع الذي أغنى الحياة العربية والإسلامية، وهو ينم عن تسامح عقائدي راق، تميز به الدين الحنيف.
إضافة إلى المبالغات التي جاءت على لسان زعيم ميليشيات «أنصار الله» المتمردة عبد الملك الحوثي، وقد تناول في خطابه بمناسبة مرور سنة على الانقلاب؛ ملفات وقضايا خلافية، تثير الفرقة والانقسام بين المسلمين، لاسيما منها ما يتعلق بالأماكن الإسلامية المقدسة.
ما قالته صحيفة «الغارديان» البريطانية في 22-9-2015، قد يختصر الصورة: «التدخلات الإيرانية في الدول العربية استغلت الحراك الشعبي لتوسيع نفوذها».
(المصدر: الخليج 2015-09-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews