Date : 23,11,2024, Time : 07:18:43 AM
17070 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 05 ذو الحجة 1436هـ - 19 سبتمبر 2015م 03:41 ص

بحاح والبكري... إنه المستقبل اليمني

بحاح والبكري... إنه المستقبل اليمني
جمال خاشقجي

في أيار (مايو) الماضي جمعني وعدداً من الباحثين السعوديين فندق عتيق في برلين، بمجموعة باحثين غربيين في قضايا الشرق الأوسط، إضافة إلى عدد من الإيرانيين، وشاركنا جميعاً في Policy Game أو ما يمكن ترجمته إلى العربية «لعبة التوقعات السياسية» والأصل أنها «لعبة حرب»، لكن اختاروا لها اسماً آخر بعدما أضحى الأوروبيون محبين للسلام! توزعنا إلى مجموعات، سعودية، وإيرانية، وأوروبية، وأميركية، وروسية، فهذه هي القوى الرئيسة المؤثرة اليوم في قضايا الشرق الأوسط، باحث ألماني وُصف بأنه خبير بالمنطقة وخدم فيها بصفة ديبلوماسي ورجل استخبارات، ولم يكشف عن هويته على رغم أنه مشارك معنا في «اللعبة»! كتب توقعاته لما ستكون عليه المنطقة بعد شهرين من اجتماعنا، أي آب (أغسطس)، ثم «سيناريو» آخر بعد المدة نفسها، تشرين الثاني (نوفمبر)، وعلينا خلال جلستين طويلتين مناقشة هذه التوقعات، وتوقع ما ستكون عليه سياسة بلدنا حيالها، من دون أن نستطيع تغيير «السيناريو»، إذ يفترض أنه أمر وقع.
أتمنى الآن، بينما أشاهد نائب الرئيس اليمني ورئيس وزرائها الشاب خالد بحاح يثب بنشاط من الطائرة التي أقلته عائداً، وبشكل نهائي إلى عدن المحررة، إلى أن ألتقي ذلك الخبير الألماني وأقول له: «كل توقعاتك في اليمن كانت خاطئة، وعليك أن تعيد النظر في ثقتك بقدرة الجيش والسياسي السعودي». لقد توقع أن تسقط عدن بالكامل في يد قوات صالح والحوثيين أوائل حزيران (يونيو)، وفي منتصف نوفمبر (أي بعد شهر من الآن) تسقط بيدهم مدينة تعز.
تعز الآن تكاد تكون محررة، وأما عدن فهي محررة بالكامل، وعادت إليها حكومة بحاح، وبشكل دائم، ولكن الذي أصاب فيه كاتب التوقعات أن «لا حل سياسياً يلوح في الأفق للأزمة اليمنية»، وهو ما وجدته الهم الشاغل لنائب الرئيس عندما التقيته في الرياض قبل يومين من رحلته إلى عدن، وتمنيت لو استجبت لدعوته ورافقته إلى هناك، كان مشغولاً بالسؤال: إلى أين يتجه اليمن بعد الحرب؟ وهو سؤال محق وحري بالقوى المؤثرة هناك أن تضع خطة لليوم التالي، بعد سقوط أو جنوح الحوثيين وصالح للسلم، فاليمن كتلة معقدة ازدادت تعقيداً بعد ثورة 2011 ثم الحرب الحالية، ولم تعد القواعد القديمة، التي استقرت لدى «اللجنة الخاصة» السعودية المعنية بالشأن اليمني، صالحة للإستخدام اليوم، للأسف السيئ منها لا يزال فعالاً، مثل استخدام الاغتيالات أسلوباً لحسم الخلافات والتنافس السياسي، وبالتالي لا يجوز اتهام الحوثيين أو دولة علي عبدالله صالح العميقة بكل اغتيال حصل أو سيحصل في عدن، نعم، هما المتهمان الأولان، ولكن غيرهما قد يقدم على ذلك إن لزمه الأمر، فهذا تقليد يمني سياسي قديم، وكذلك التغيير السريع للولاءات، قد يكون مفيداً إن كان لمصلحة التحالف، ولكنه أيضاً يلزمه بالنظر خلفه دوماً، ميدانياً وسياسياً، وهو يتحرك في اليمن.
الجديد هو القوة المتنامية للشباب المتطلعين إلى حياة أفضل، كذلك قوى ثورة 2011 الذين ربما لاموا مجلس التعاون الخليجي أن همش دورهم في مبادرته الشهيرة، التي أنهت عصر صالح وأبقته في الوقت نفسه، ولكن المجلس نفسه، وبالتحديد عاصفة الحزم التي قادتها السعودية، هي التي أعادت الاعتبار لقوى الثورة اليمنية عندما برزوا بمثابة قادة للمقاومة التي كانت ضرورية لتأكيد الرفض الشعبي للحوثيين وصالح، وأن الشرعية اليمنية الممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي حقيقية. في المقابل تضاءلت قوة القبيلة وشيوخها، وهي عملية استغرقت عقوداً وبدأت قبل ثورة 2011، ولكن جاءت الثورة ثم هذه الحرب لتعلن رسمياً وفاة نفوذ القبيلة وشيوخها، إذ حلت مكانها السياسة والأحزاب والآيديولوجيا، التي لا بد أن تنتعش إذا ما مضت اليمن في طريق التعددية السياسة، لقد اكتشف ذلك مبكراً آخر شيخ قبيلة حقيقي في اليمن، الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، عندما قال جملته الشهيرة: «أنا قبيلتي الإخوان»، مشيراً إلى «الإخوان المسلمين» الذين انتمى إليهم وشكّل معهم التجمع اليمني للإصلاح، الذي احتفل بذكرى تأسيسه الـ25، الأسبوع الماضي في الرياض.
صورة وصول بحاح إلى عدن، وقد تعمد أن يصحبه إلى هناك محافظ عدن «السابق» نايف البكري المثير للجدل والمتمتع بشعبية واسعة هناك، يعبّر عن هذا التغيير، ورسالة إلى اليمنيين بأنه زمن الشباب والتغيير، فالبكري يرمز للمقاومة، إذ كان من قادتها في عدن، وانسحب من حزب التجمع اليمني للإصلاح لتأكيد أن القضية الوطنية هي العليا الآن، ولكنه ظل محافظاً على روح ثورة 2011 التجديدية عندما اصطدم مع عقلية تقاسم السلطة والغنيمة، التي تحاول أن تعود ولما تضع الحرب أوزارها.
عندما التقيت بحاحاً في قصر المؤتمرات بالرياض، حيث أقام هناك يدير معركة إنقاذ اليمن، كان منشغلاً بقضية إقالة البكري، التي انفجرت يومها، فوصفها لي بأنها «قضية لا نحتاج إليها»، إذ كادت أن تصبح أزمة في عدن، بعدما حاول البعض دفعها لتكون أزمة إقليمية بزج دول الجوار فيها، ومناطقية إذ امتد إليها الانتماء اليافعي للبكري، وأخيراً حزبية بانتمائه إلى الإصلاح، بل ذهب البعض إلى قراءة أكثر قلقاً وتشاؤماً، بأنها رسالة للإصلاح أن يتخلى عن المقاومة، وهو يشكل لبها في مأرب والشمال اليمني، إذ لا مكان له في مستقبل اليمن، وهو ما نفاه لي الأمين العام للحزب الأستاذ محمد اليدومي قائلاً «نحن نشارك التحالف لأجل اليمن وليس لأجل الحزب». أعتقد أن أزمة إقالة البكري المفتعلة هي مجرد تدافع بين جيلين وثقافتين، واحدة دفعت اليمن إلى ما هو عليه، وأخرى تريد أن تخرج اليمن مما هو فيه، لذلك اختصر بحاح أسئلتي عن البكري قائلاً: «هذا شاب لن أتخلى عنه، إن لم يكن محافظاً لعدن فسيكون معي في الوزارة لخدمة كل اليمن»، وهو ما حصل وقبله البكري.
يؤمن بحاح بنظرية مميزة تستحق الاهتمام من جيران اليمن الحريصين عليه، وهي «التنمية في زمن الحرب»، لا يريد أن يعطل التنمية بعذر أن حرباً تجري، فيقول شارحاً نظريته: «التنمية وتوفير الخدمات للمواطن في المناطق المحررة، بل حتى في المناطق التي لم تدخلها قوى الشرعية، ولكن يمكن أن نوصل إليها مساعدات، هو الذي سيحمي اليمن والأقاليم المحررة من الانهيار، إذا لم يجد المواطن الدولة تعمل فسيفقد الثقة والأمل بها، وينصرف ليشكل بدائل تتحول تدريجاً إلى قادة محليين وميليشيات خارج الدولة، حينها ندخل في حال شبيهة بليبيا، تتعقد الأوضاع، فنكتشف بعد تحرير صنعاء أو توصلنا إلى سلام مع الحوثيين أن المناطق من خلفنا انهارت». أعتقد أنه تحليل مفيد لرجل لا يفكر بصفته زعيماً قبلياً أو سياسياً، وإنما بصفة رئيس مجلس إدارة، بحكم دراسته وخبرته في صناعة النفط، بلد كاليمن تعب من السياسيين وتقاسم السلطة والغنيمة بين أسر حاكمة، وحان الوقت لأن يدار بعقلية تنموية إنتاجية.
لذلك وجدت بحاحاً حريصاً على أن يكون قريباً من كل الدول الخليجية المؤثرة في اليمن، ولكنه أيضاً يريد أن يتصرف باستقلالية، وأحسب أن المملكة تؤيده في ذلك، إذ حرصت كما ذكر لي، على ألا تتدخل في تفاصيل القرارات اليومية لحكومته، ولكنها أيضاً تدخلت بما يلزم لحمايتها.
لو عدت إلى برلين ثانية، فسأقترح أن نناقش الإجابة على سؤال خالد بحاح «اليمن إلى أين؟» ليس سياسياً فقط، وإنما كيف يمكن بناؤه وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي، ولكن الأفضل أن نناقش هذا أولاً بين صنعاء والرياض.

(المصدر: الحياة 2015-09-19)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد