«فقير» الجزائر «وسمعة» الأسبان!
صورتان متناقضتان تماما بين ما جرى للمدرب السوري اسامه عبدالمحسن، الذي تحول بين لحظة وأخرى من لاجئ أنهكته وعائلته الحروب، يبحث عن الدفء والأمان، الى نجم للصحافة والاعلام، متصدرا للمشهد العالمي، بعد مبادرات انسانية من كبرى الأندية الأوروبية يتقدمها الملكي الريال، وأيضا مواطنه الاخر خيتافي، وبين تلك التي يتابعها العالم في الجانب الآخر، لصورة تكاد أن تكون سلبية مظلمة، في اللحظة التي انتشى فيها الشارع الرياضي الجزائري فرحا بعد اصابة القطع في الرباط الصليبي التي تعرض لها مهاجم نادي ليون الفرنسي نبيل فقير في مباراة فرنسا والبرتغال، بسبب انه فضل أن يلعب لمنتخب جنسيته «الفرنسية» وليس للوطن والأصول الجزائرية.!
لم يكن ليطالب النادي الاسباني خيتافي بالتدخل، لازالة الصورة السلبية التي خلفتها الصحفية الهنغارية بترا لاسزو على الوسط الاوروبي، عندما قامت بتعمد عرقة اللاجئ السوري وطرحه أرضا لحظة فراره من الشرطة، ولم يكن الأمر نفسه ليعني النادي الآخر ريال مدريد الملكي كثيرا، حتى يجبر على التدخل والازالة لبعض الترسبات، لكنها ثقافة عامة يتوجب علينا كعرب الأخذ في الاعتبار ما يخص تأثيراتها، وتلك الصورة التي يمكن أن ترتسم على قناعات الشريحة الكبيرة، ليس بسبب عدم الامتلاك للأخلاقيات والمبادئ والقيم، بقدر ما هي النظرة السيئة، التي يمكن أن تؤخذ في الاعتبار، لموقف يعتقد البعض أنه عابرا، لا تأثير له، بينما يقول الواقع أنه من الصور السوداء التي يمكن أن تغطي على أي شيء آخر يكون جميلا ومعبرا عن أي أساس أو تقاليد.!
لا يمكن الاعتقاد اطلاقا أن ثقافة الشعب الجزائري الشقيق، ممثلا في جمهور كرته، يمكن أن تكون بتلك الصورة من «السواد» عندما يسعد ويبتهج، بسبب ضرر، يمكن أن يلحق بأحد أطراف جسده الاخر، وصاحب نفس الاصول والغرس الجزائري «الأصيل» لكنه الواقع الذي يتحدث عن نفسه ويبرز وجها «قبيحا» من أوجه التعصب الرياضي، لا يمكن أن يرتبط بأي صلة بالموروث والأسس الجزائرية العريقة، خاصة في ظل اعتقاد البعض وبشكل خاطئ، أن الابتهاج باصابة فقير، يمكن أن تجلب القيمة المضافة للعشق الجزائري للألوان والوطن الجزائر، وفي الوقت الذي تمضي ذات القناعات في الاتجاه المعاكس، الذي له أن يخلف المزيد من الأضرار على الصورة التي اعتدنا أن تكون جزائرية مشرفة ناصعة وخضراء.!
ان ما سارعت أوروبا الى تقديمه للاجئ السوري اسامه عبدالمحسن، ان كان عبر أنديتها، أو حتى من خلال مؤسساتها الادارية والأسبانية، يحتاج من الكثيرون من العرب والعالم، ليس الشريحة الجزائرية وفقط، الى وقفة عاجلة وحالة انضباط مع النفس، ليس أكثر، على أمل المقارنة بين المشاعر الغير دقيقة للشريحة التي عبرت عن السعادة والنشوة بحدوث «الضرر» التي لها أن تسيء للصورة العربية عامة، وبين ثقافة أخرى حاول من خلالها الاوروبيون، نقل الكرة الى ملعبهم أكثر جمالا وقيمة، ليس بسبب حرصهم على مصلحة ومستقبل اللاجيء السوري، بقدر ما هو التركيز على سمعة أوروبية وثقافة عامة، يحرصون على تصديرها للخارج وايضا العرب، بعيدة عن أي شوائب ونقطة سواد.!
(المصدر: الأيام 2015-09-19)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews