هايدى أصغر لاعبة فى ريو دى جانيرو
أعرف أننا، مهما تبجحنا بما نتخيل أننا نملكه من خفة دم وقدرة دائمة على الضحك والسخرية والتنكيت، فإننا كلنا أصبحنا فى أعماقنا حزانى وخائفين ومهمومين وموجوعين مهما كانت صرخاتنا عالية وضحكاتنا زاعقة.. ومثلما يضطر الإنسان أحيانا للجرى وراء أتوبيس أو قطار بدأ يتحرك مغادرا محطته..
نجرى كلنا وراء أى خبر أو حكاية قد تمنحنا أى فرحة قصيرة أو بهجة مؤقتة وعابرة.. وأظن أن ما حققته هايدى عادل أمس الأول فى الأرجنتين يصلح لذلك تماما.. فهذه الفتاة المصرية الجميلة والصغيرة التى لم تتجاوز بعد الخامسة عشرة من عمرها.. فازت بالميدالية الفضية لبطولة العالم لناشئات الخماسى الحديث.. لكننى لا أقصد أن هذا هو الخبر الذى سنجرى كلنا لنلحق به بحثاً عن أى فرحة وسط قتامة ومرارة أيامنا وواقعنا.. إنما أقصد أن هايدى قبل هذه البطولة نجحت فى التأهل لدورة ريو دى جانيرو الأوليمبية العام المقبل.. وهذا أيضا خبر عادى وطبيعى، حيث لدينا الكثير من لاعبين ولاعبات تأهلوا بالفعل لتلك الدورة فى أكثر من لعبة.. لكن هايدى عادل أصبحت حتى اليوم هى أصغر رياضية فى العالم تتأهل لدورة ريو دى جانيرو الأوليمبية فى أى لعبة.. وستسافر ابنة الخامسة عشرة عاما لريو دى جانيرو لتنافس الكبار حالمة وطامعة فى انتزاع ميدالية أوليمبية لنفسها ولمصر.. وأصبح ذلك حلماً مشروعاً لهايدى التى فازت أمس الأول بالميدالية الفضية لبطولة العالم للناشئات.. لكنها أيضا انتصرت وسط الكبار.. سواء فى بطولة الأساتذة فى ألمانيا أو كأس العالم فى المجر، كما أنها صاحبة الميدالية الذهبية فى البطولة الأفريقية..
وفى كل بطولة أو مسابقة عالمية كانت هايدى ثابتة وقوية وعنيدة وقادرة على نسيان طفولتها لتمنح نفسها الحق والفرصة فى الفوز وسط كبيرات اللعبة مهما كانت جنسياتهن والإمكانات التى توفرها لهن بلادهن.. نموذج رائع للبنت المصرية حين يقودها إصرارها لتخطى أى سور وفتح أى باب من أجل البطولة والفرحة أيضا.. وستبقى حكاية هايدى التى بدأت تمارس هذه اللعبة منذ أن كانت فى السابعة من عمرها فى نادى الجزيرة مثالا لكل ما تقدر عليه البنت المصرية حين نفك قيودها ونسمح لها بالحلم والبحث عن النجاح والمكانة والكبرياء والاعتبار..
وإذا كانت هايدى قد نجحت فى أن تصبح أصغر رياضية فى العالم تتأهل للدورة الأوليمبية المقبلة.. فهى قد تكون أيضا أول لاعبة تفوز بأول ميدالية أوليمبية لمصر التى لم يفز لها بميداليات أوليمبية إلا الرجال منذ الميدالية الأولى لسيد نصير فى رفع الأثقال بدورة أمستردام الأوليمبية 1928.. وقد يكون أجمل ما فى هايدى هو طفولتها رغم نجاحاتها وانتصاراتها.. فلاتزال هى الطفلة البريئة التى لا تعرف إلا واجباتها المدرسية وانتصاراتها الرياضية.. لم تتعلم بعد وأظنها لن تتعلم أبدا كيف تساوم أحدا على انتصاراتها أو تطلب المقابل وألف حفل تكريم بعد كل بطولة أو تشكو اهتمام إعلام بلادها بكرة القدم فقط لأنها لا تعرف إلا الحلم واللعب والفرحة والبطولة أيضا.
(المصدر: المصري اليوم 2015-09-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews