بالصور : مغارة "بني عاد" متحف طبيعي بالجزائر
جي بي سي نيوز - في أعالي جبال عين فزة بمحافظة تلمسان (500 كلم غرب الجزائر العاصمة)، يتوافد الآلاف من السياح من الجزائر وخارجها يوميا للاستمتاع بجمال الطبيعة الذي ترسمه صواعد ونوازل مغارة "بني عاد"، أحد أبرز المتاحف الطبيعية في البلاد.
وحسب خبراء الجيولوجيا، فإن هذه المغارة تصنف الثانية عالميا من حيث الديكور، وتعد الأولى والأجمل في شمال أفريقيا، وأهم ما يميزها هو طولها الذي يتجاوز 750 مترا طولا، وبعمق 57 مترا، وعرض يزيد عن العشرين مترا، مشكّلة بذلك تجاويف وحجرات ذات منحوتات طبيعية، ويمكن للزائر التجول فيها بكل أريحية، عكس بعض المغارات الأخرى الذي يضطر فيها إلى السير داخل الماء، أو السير منحني الظهر بسبب اقتراب النوازل من الصواعد.
وتقول الروايات إن العديد من المؤرخين والشعراء المشاهير قاموا بزيارتها، واستلهموا إبداعاتهم من المشاهد البانورامية التي تشكلها صخورها الكلسية، على غرار ابن خميس التلمساني وابن خفاجة الأندلسي وابن خلدون وابن أبي زرع وغيرهم.
صواعد ونوازل
وخلال زيارة الجزيرة نت لهذا المتحف الطبيعي، كشف الدليل والمشرف على المغارة إبراهيم عبد الحق أن تسمية المغارة بــ"بني عاد" مستوحى من قوم عاد الرّحّل، حيث تتحدث الأساطير عن قوم سكنوا المغارة، يغادرونها ثم يعودون إليها، لذلك سميت بمغارة بني عاد.
وأضاف عبد الحق أن الأمازيغ هم من اكتشف المغارة واستعملوها للسكن، ويعود تاريخ تشكّلها جيولوجيا في صورة صواعد ونوازل إلى قرنين قبل الميلاد، وأوضح المشرف أن طول هذه الصواعد والنوازل الكلسية يزداد بمقدار سنتمتر خلال كل مائة عام.
وحسب المشرف، فإن طول المغارة الحقيقي يبلغ 145 كلم، وينطلق من مغارة بومعزة بمنطقة "سبدو" الواقعة جنوب ولاية تلمسان، وصولا إلى مغارة الحوريات بمنطقة "سيدي يحيى بمدينة وجدة المغربية".
ويضيف إلا أن الاستعمار الفرنسي قام بإغلاق الجزء الأول من المغارة باستعمال ستين مترا مكعبا من الإسمنت المسلح، حينما اكتشف أن مجاهدي ثورة التحرير الجزائرية يستعملونها لنقل الأسلحة سرا من المغرب تجاه الجزائر.
أما الجزء الثاني من المغارة، وهو المفتوح منذ عام 1965 أمام السياح، فينقسم -حسب المشرف- إلى ثلاث قاعات: الأولى تسمى بالقاعة الرئيسية، والثانية تسمى بـ"قصر الملك"، وفيها تم العثور على أوان فخارية تدل على أن الإنسان سكن المغارة في حقبة ما من الزمن.
أما القاعة الثالثة، فيطلق عليها اسم "قاعة السيوف"، وسميت كذلك لاحتوائها على عدد هائل من النوازل التي تشبه السيوف، وتسمى أيضا بـ"قاعة المجاهدين" لأنها كانت مكانا لراحة المجاهدين خلال فترة الثورة الجزائرية.
إهمال وتجاوزات
ورغم أن المغارة باتت المقصد الأول للسياح الجزائريين والأجانب الذين يقصدون عاصمة الحضارة الزيانية تلمسان، ورغم أهميتها الجيولوجية، فإن المشرف إبراهيم عبد الحق تحدث بألم وحرقة عن ما تتعرض له المغارة من إهمال من طرف السلطات الرسمية بالولاية، وعلى رأسها مديرية السياحة.
وأبرز محدثنا أن المشكل الأكبر الذي يهدد المغارة هو العدد الكبير للزوار، والذي يتجاوز يوميا خلال فترة الصيف ثمانية آلاف زائر، وهذا العدد الكبير -حسبه- يؤثر على الصخور الكلسية بسبب استنشاق الناس الأكسجين الموجود بالمغارة وطرح غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتسبب في تلويث الجو، ويحوّل لون الصخور الكلسية من بيضاء إلى سوداء.
وأضاف عبد الحق أن الفريق المشرف على المغارة يجد صعوبات في التعامل مع الزوار الذين يتجاوز بعضهم القوانين من خلال الحديث بصوت مرتفع جدا، أو أخذ صور تؤثر أشعتها على الصخور داخل المغارة، وأحيانا من خلال دخول الزوار لأماكن ممنوعة فيدوسون على الصخور الكلسية بما يتسبب في كسرها أو التأثير عليها من حيث نموها.
ولفت مُحدّثنا إلى أن تعليق دخول الزوار للمغارة ساعتين يوميا فقط غير كاف، لأن الزيارة مفتوحة على مدار الأسبوع، في حين أن المغارة -حسبه- تحتاج إلى يومين أسبوعيا على الأقل للسماح للصواعد والنوازل بالنمو الطبيعي.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews