دولة.. بخديعة إسرائيلية!!
منطقتنا العربية تشتعل فيها الحرائق منذ حوالي أربع سنوات. وقد تعددت الأسباب لكن الحريق واحد، وثمة تحليلات وآراء تعيد السبب إلى ما يشبه اللغز القاتل.
فهناك من يرى السبب في أن مائة عام مرت على سايكس بيكو وتقسيم الوطن العربي إلى دول بين كل دولة ودولة لغم حدودي أو خلاف على زعامة أو اختلاف على تحرير فلسطين، فهل تذكرونها! وثمة من يرى أن حكومة خفية تلعب بالعالم لتدميره لمصلحة الشيطان، وهناك من يرى أن من يشعلون الحروب هم وحدهم القادرون على إنهائها بما يتفق مع مصالحهم.
ويبدو أننا دخلنا مرحلة إطفاء الحرائق. فقد تكاثرت في الآونة الأخيرة اللقاءات والتصريحات والتسريبات حول تسوية ما لحريق المنطقة، ما يجعل طرح السؤال حول إمكانية الحل مشروعا، فضلا عن ماهية ذلك الحل تأتي اللقاءات المعلنة وغير المعلنة، والتصريحات والتسريبات ضمن أجواء ضبابية منها تصاعد الشعور بالخطر الذي يمثله تنظيم «داعش» على معظم القوى الإقليمية والعربية.
وهذا البعد يمثل نجاحا لإيران؛ الركن الثاني في حريق المنطقة، لأن عسكرة الثورة السورية على وجه التحديد كان قرارا إيرانيا قبل أي شيء، وذلك قناعة منها بأن مواجهة ثورة شعبية يظل أصعب من حل أمني في ظل نظام أقلية طائفية.
فالاتفاق النووي الذي مثّل عنصر قوة لإيران من جهة، لكنه عنصر قوة للإصلاحيين وليس للمحافظين، مع مخاوف من أن يؤدي تبديد عوائده في المغامرات الخارجية إلى مزيد من الصدام مع الشارع الإيراني، لا سيما أنها مغامرات طويلة ومكلفة، واحتمال النجاح الكامل فيها شبه معدوم.
المؤشر الآخر على الإطفاء ما تسرب عن اتفاق على تثبيت الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل. فقد اعلن ياسين اكتاي مستشار رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أنه يتوقع إبرام اتفاق شامل بين حركة حماس وإسرائيل قريبا يتضمن تثبيت التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة «هارتس» أن بنود هذا الاتفاق كانت محور اللقاء الذي جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة الأسبوع الماضي. ويشمل الاتفاق المزعوم إنشاء ميناء بحري في غزة مرتبط بآخر قبرصي، حيث سيتم تفتيش البضائع الواردة إلى غزة عبر هذا الخط .
يذكر أن مشعل عقد لقاء في قطر مع المبعوث السابق للجنة الرباعية توني بلير بحثا خلاله الحفاظ على وقف إطلاق النار المتفق عليه بين حماس وإسرائيل منذ الصيف الماضي. ومن المقرر أن يتوجه وفد برئاسة إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى القاهرة عبر معبر رفح للقاء مدير المخابرات المصرية، على أن يتوجه الوفد لاحقا إلى طهران.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه حركة فتح الاتفاق بين حماس وإسرائيل التفافا على الشرعية الفلسطينية، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إن الحركة لن تقبل بإقامة «دولة» في غزة مقابل هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، مضيفا إن هناك أطرافا لم يسمها تسعى لتشويه مواقف الحركة عبر التلميح بموافقة حماس على إقامة دولة غزة مقابل الهدنة مع إسرائيل.
وجدد هنية تأكيده التزام الحركة بدورها في مشروع تحرير فلسطين، قائلا «لن نقبل بدولة تغطي مساحتها اثنين بالمئة من أرض فلسطين، فكل فلسطين لنا».
وتابع «بصرف النظر عما تعيشه غزة من آلام الحصار والدمار إلا أنها لن تتخلى عن القدس والأقصى». وفي غضون ذلك، قالت حركة فتح إن الهدف الحقيقي من لقاءات بلير - مشعل في الدوحة، هو «تكريس للانقسام وفصل قطاع غزة عن باقي أراضي الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وضرب لوحدانية التمثيل الفلسطينية، بما ينسجم مع أهداف إسرائيل عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
وأشارت حركة فتح في بيان إلى أن «الوثيقة التي حملها بلير من مشعل للترويج لحماس في الغرب تحت عنوان (رفع الحصار مقابل التهدئة)، مقابل تأجيل قضايا الحل النهائي وفي مقدمتها قضية القدس، سيؤدي إلى تهويدها وتصفية الوجود الفلسطيني فيها».
والملفت أن تركيا تلعب دورا رئيسيا في التوصل إلى الاتفاق بين حماس وإسرائيل بالتزامن مع تغير موقفها من الأزمة السورية، وبخاصة الموقف من «داعش» وانقلابها على التنظيم الذي رعته وفتحت الطريق أمام عناصره للدخول إلى الأراضي السورية وغضت الطرف عن قيامه بتصدير النفط من المناطق التي استولى عليها في سوريا والعراق.
والمؤشر الآخر روسي هذه المرة، نعني صفقة الأسلحة التي وصلت سوريا أخيراً ربما كانت جواباً روسياً عملياً على حبل التكهنات الذي لم ينقطع... وروسيا أرادت أن تتبع قولها بالفعل، بأنها ستدعم النظام في حربه على الإرهاب، بوصفه فصيلاً متقدماً في هذه الحرب وجزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة.
وقد تزامن الإعلان عن الصفقة مع قرار دول في حلف «الناتو» سحب منظومة الباتريوت المرابطة على الحدود السورية التركية. وتركيا في الأصل لم تكن مهددة بصواريخ سوريا وطائراتها الحربية، لكن أنقرة فضلت الزج بـ «حلف الناتو» منذ بداية تحول الأزمة السورية إلى السلاح، في مسعى لتوريطه في مشاريع «المناطق الآمنة والعازلة» .
هل نضجت فعلا طبخة سايكس بيكو2 ؟ وكما فوجئنا باتفاق أوسلو وإعطاء إسرائيل لمن كانت تسميهم «المخربين» سلطة بلا سلطة واكثر من حكم ذاتي واقل من دولة كما قال جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي في أعقاب مؤتمر مدريد، هل نفاجأ بدولة في غزة، دولة .. بلا دولة ؟!!
(المصدر: البيان 2015-08-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews