هيلاري كلينتون تدعم الاحتلال «الإسرائيلي»
في الثاني من يوليو/تموز، كتبت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، ومرشحة الرئاسة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون رسالة إلى الملياردير الأمريكي- «الإسرائيلي» حاييم صَبّان، المؤازِر القوي لحكومة نتنياهو اليمينية، تدين فيها نشطاء حقوق الإنسان الذين يؤيدون المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضدّ الاحتلال «الإسرائيلي».
وفي الرسالة التي تمّ كشف مضمونها بعد بضعة أيام من صدورها، أطلقت كلنتون عدداً من البيانات التي ليست مغلوطة تماماً وحسب، بل تثير مخاوف جِدِّية أيضاً إزاء نوع السياسات التي سوف تتبعها كلنتون إذا غدَت رئيسة.
ادّعت كلينتون أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والمعاقبة، تعمل على «وصم «إسرائيل» والشعب اليهودي بالشرِّ وتقويضهما». ومع أنّ بعض الناشطين في الحركة يستهدفون «إسرائيل» كلها، فإن معظم الجهود في الجامعات وغيرها، تنصبُّ على الاحتلال «الإسرائيلي»، ولا سيَّما الشركات التي تجني أرباحاً من ذلك الاحتلال وتدعم المستوطنات «الإسرائيلية» غير الشرعية في الضفة الغربية. وعلى أية حال، فإن حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والمعاقبة، لا «تصِم اليهود بالخبث وتقوّضهم».
ولعلَّ هذا الجهدَ المُريبَ لتصوير الحركة على أنها معادية للسامية، مؤشر على نوع الخطاب الذي ستستخدمه كلينتون كرئيسة للولايات المتحدة، لتشويه سمعة الناشطين في مجال حقوق الإنسان، الذين يتحدّوْن سياساتها في مواضع أخرى.
تدّعي كلينتون في الرسالة بأن المبادراتِ من خلال الأمم المتحدة، المنتقدةَ للانتهاكات «الإسرائيلية» للقانون الإنساني الدولي، «مناهضةٌ ل«إسرائيل»» بطبيعتها، لتوحي- كلينتون - بذلك بأن مَن يثيرون المخاوف بشأن سجلّ حقوق الإنسان في دولة من الدول، يفعلون ذلك لا بسبب الرغبة في التمسُّك بالمبادئ الأخلاقية والقانونية المعترف بها دولياً، بل بسبب تعصّب أيديولوجي ضدَّ بلدٍ بعينه... والأغلبية العظمى من تقارير الأمم المتحدة وقراراتها منسجمة مع النتائج التي توصلت إليها، والمخاوف التي أعربت عنها منظمات دولية محترمة معنيّة بحقوق الإنسان (مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان) وجماعات «إسرائيلية» (مثل جماعة بتسيلم لحقوق الإنسان، ومنظمة المحاربين القدامى المسمّاة «كسْر الصّمت»).
كما تقول كلينتون إن مِن غير الشرعي استخدام العقوبات ل«الإملاء» على القوة المحتلة أن تنهي استعمارها غير القانوني للمناطق المحتلة، وتنسحب إلى داخل حدودها المعترف بها دولياً وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وهي ترفض في الواقع، أي نوع من «الأعمال الخارجية أو أحادية الجانب» ضدّ مثل تلك الانتهاكات الصارخة للأعراف القانونية الدولية. وتُصِر بدلاً من ذلك، على أن يكون حلَّ مثل تلك الصراعات قائماً حصريّاً على المفاوضات بين القوة المحتلة، ومَن يرزحون تحت الاحتلال، بصرف النظر عن عدم التناسب الهائل في القوة بين الطرفيْن، وسلسلة من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأحكام محكمة العدل الدولية، والمبادئ القانونية الدولية الراسخة التي تُقِر بعدم شرعية قيام أي دولة بتوسيع حدودها بالقوة، ونقل مستوطنين إلى داخل المناطق المحتلة.
ويتجلى عدم اكتراث كلينتون بالقانون الدولي أيضاً، من خلال إشارتها إلى مدينة القدس القديمة الفلسطينية في أغلبيتها، باعتبارها جزءاً من «إسرائيل»، على الرغم من الاستيلاء عليها من قبل القوات «الإسرائيلية» في حرب 1967، وأنّ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، يُقرّان بأنها تحت احتلال عدواني أجنبي.
وتشير بافتخار أيضاً إلى شجبها لتقرير عام 2009 الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة - الذي كان يرأسه المحامي الجنوب إفريقي المتميّز، ريتشارد غولدستون (وهو يهودي صهيوني) - الذي وثَّق جرائم الحرب التي ارتكبتها «إسرائيل».
وإشارتها إلى «إسرائيل» بأنها «ديمقراطية نابضة بالحياة في منطقة يهيمن عليها الاستبداد» تتجاهل إنكار «إسرائيل» للحقوق الديمقراطية للفلسطينيين تحت الاحتلال.
وتردِّد في رسالتها أيضاً، الأسطورة الغربية الرومانسية التي تدّعي أن «إسرائيل» «واحة مزدهرة في وسط الصحراء»، وتتجاهل قروناً طويلة من الزراعة والعمران الحضري (اللذين أنجزهما العرب) في ما هو الآن فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسوريا، والتي عُرفت طويلاً باسم «الهلال الخصيب».
وحقيقة الأمر، أن «إسرائيل» استولت أصلاً على معظم أراضي«ها» الخصبة بالقوة من المزارعين الفلسطينيين.
وهنالك جوانب أخرى مثيرة للقلق في الرسالة المكونة من صفحتيْن: حيث تتباهى كلينتون بجهودها لمنع الأمم المتحدة من الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وهي تتعهد بالعمل مع الجمهوريين لمحاربة الناشطين في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والمقاطعة، المسجَّلين ديمقراطيّين في أغلبيتهم.
وهي تربط ما بين مناهضة الصهيونية، ومعاداة السامية والهجمات الإرهابية ضدَّ اليهود في فرنسا. كما أنها بإدانة حركة المقاطعة لأنها «تستفردُ» "إسرائيل"، توحي ضمناً بأن أي جماعة لحقوق الإنسان تُركز على بلدٍ واحد هي بالتالي غير شرعية.
وأخيراً، فإن تعهدها بأن «تدافع عن «إسرائيل» دائماً وفي كل مناسبة»، وبأنها إذا أصبحت رئيسة فسوف «تقف مع «إسرائيل» دوماً»، مثير للقلق بوجه خاص، نظراً لميْلها إلى المساواة بين «إسرائيل» وبين سياسات حكومتها اليمينية.
وتثير هذه الرسالة في مجملها، تساؤلات باعثة للقلق الشديد في ما يتعلق بالنوعية التي ستكون عليها الرئيسة هيلاري كلينتون، لا في ما يخصُّ «إسرائيل» وفلسطين وحسب، بل بالنسبة إلى حقوق الإنسان والقانون الدولي بوجه عام، وإلى ردِّ فعلها إزاءَ مَن يؤيدون مثل هذه المبادئ.
(المصدر: الخليج 2015-07-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews