ماذا يعني إعلان حالة الطوارئ في تونس ؟
بإعلان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ليل السبت - الأحد حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثين يوما ، يكون رئيس الجمهورية المنتخب أفشى ( بصورة عامة ) ما لم تكشفه ملفات التحقيق للرأي العام في الجريمة الإرهابية التي وقعت في السادس والعشرين من حزيران الفائت في سوسة ، وأودت بحياة ثمانية وثلاثين سائحا .
وإذا علمنا بأن تونس كانت في حالة طوارئ منذ كانون ثاني من عام 2011 ، أي قبل انتصار الثورة الشعبية التونسية وفرار بن علي ، وظلت مفروضة حتى مارس 2014 ،فإننا نرى بأن حالة الطوارئ أفضل ألف مرة من أن تغرق البلاد والعباد بالدماء والخراب لا سمح الله ، دون أن نبرر ذلك أو ندافع عنه ، معتمدين بالدرجة الأولى على الشعب التونسي الواعي ، وعلى النقابات ومؤسسات المجتمع المدني التي هي الضامن الوحيد لعدم تغول السلطة التنفيذية ، والذهاب بالبلد وبالحريات إلى الجحيم .
ولعل حالة الطوارئ هذه ، لها ما بعدها ، فهي تعني إطلاق يد السلطات الأمنية والجيش ومنحهما سلطات استثنائية ، ولربما يكون على رأس ذلك البدء بمداهمات مفتوحة ، وفرض حظر على التجمعات أو المظاهرات والإعتصامات ووسائل الإعلام ، وكما قلنا ، فإن الذي يخيف هنا ، هو ما أعلنه متحدث باسم القضاء التونسي الذي قال في تصريحات صحفية : " إن التحقيقات في العملية الإرهابية في سوسة كشفت عن معطيات حارقة " وفق وصفه ، أي أن الرئيس أعلن الطوارئ استنادا لخطر محدق يكاد يودي بالبلاد إلى الهاوية .
والذي يطمئن في الحالة التونسية ( حتى الآن ) هو أن هذا الإجراء جاء تحت سلطة الدستور ، أي أنه تم بالتشاور مع السلطات الثلاث في الدولة وبموافقتها : البرلمان والقضاء بالإضافة إلى الحكومة كتحصيل حاصل ، إلا أن ما يخيف ، أن تتصاعد هذه الإجراءات ويتم تعطيل الدستور ، مما يعني أن تصبح تونس بلا سلطة تشريعية ، ولا سلطة قضائية ، وأن الأمر كله سيكون بيد السلطات العسكرية ، وهو احتمال وارد إذا ظلت وتيرة الخطر في تصاعد ، والدولة التونسية في حالة حرب وفق ما أعلن الرئيس .
إن الإرهابيين الذين يسعون في الأرض فسادا ، وآخر جرائمهم ما فعلوه بالسياح الأبرياء في سوسة ، يتطلعون إلى انفلات البلد لينفذوا من خلال فشله إلى حيث أهدافهم وغاياتهم ، ولربما يكون الإجراء الذي اتخذه الرئيس التونسي هو الحل المتاح الآن ، طالما أن " المعطيات الحارقة " بهذه الخطورة التي تستدعي إعلان الطوارئ ، ولكن لا نتمنى أبعد من ذلك ، ولنا في رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي استقبل جثامين ضحايا سوسة ، مثال ناصع حينما أكد بأن تنظيم داعش الإرهابي يشكل خطرا وجوديا على بريطانيا ( تصريح حرفي ) إلا أنه وبرغم هذا التصريح الخطير لم يعلن حالة الطوارئ ، بل دعا إلى تفعيل القوانين التي تحارب الإرهاب .
نتمنى لتونس العزيزة الأمن والسلام ، ولشعبها الشقيق الخروج الآمن من حالة الطوارئ ، وأن لا تسوء الأمور أكثر ، لأن العلاج بـ " الكي " وصفة بائسة من وصفات الماضي السحيق .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews