اختبار صناعة الإسمنت في المغرب
جي بي سي نيوز :- رغم توقعات خبراء في المغرب انتعاش صناعة الإسمنت فيه، وسط الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده البلاد والاستثمارات التي التزمت بها الدولة عبر موازنة العام الجاري، إلا أن الأرقام التي ظهرت حتى الآن عن حجم الاستهلاك للإسمنت تدل على أن الانتعاش مقصور على المنطقة الجنوبية في المغرب، وأن الشركات ربما تضطر لتصدير منتجاتها للخارج حتى تتمكن من زيادة المبيعات.
ورغم توقع المهنيين استقرار مبيعات الإسمنت في المغرب، فإن المبيعات ارتفعت من يناير/كانون الثاني وحتى أبريل/نيسان الماضي بنحو 3.53%، حيث بلغ استهلاك الإسمنت
4.9 ملايين طن، مقابل 4.8 ملايين طن في الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال مهنيون إن الطلب الآتي من المنطقة الجنوبية من المغرب كان السبب في زيادة الاستهلاك، ويذكر أن المنطقة الجنوبية شهدت عمليات إصلاح للمرافق التي دمرتها الفيضانات في بداية الموسم الفلاحي الحالي، ولكن يلاحظ أن الطلب الذي لم يرتفع في مدينة الدار البيضاء.
ويعزو أحد المهنيين، تراجع استهلاك الإسمنت في المناطق المعروفة تاريخياً باستهلاك الإسمنت، إلى تأخر بعض المشاريع العقارية، على غرار ما حدث في الثلاثة أعوام الأخيرة، خاصة في ظل عدم تجاوب المصارف مع سعى الشركات العقارية للحصول على قروض، حيث تبرر تلك المصارف إمساكها عن التجاوب مع تطلعات الشركات، إلى كونها بلغت حداً من الاستدانة لم يعد ممكناً معه الاقتراض.
وهذه الانتعاشة التي عرفتها صناعة الإسمنت في الفترة الأخيرة، والمرتبطة بعوامل ظرفية، لم تدفع المهنيين إلى الاستسلام للتفاؤل، فهم يتوقعون أن مبيعات الإسمنت، ستسجل انخفاضاً بـ 2% في العام الجاري، خاصة أن المؤشرات المتوفرة حتى أبريل/نيسان تشير إلى تراجع الاستهلاك في المناطق التي تعرف تاريخياً بكثافة استخدام الإسمنت.
وتتوقع شركة "هولسيم" تراجع مبيعات الإسمنت في السوق المحلي في العام الحالي بحوالي 2%، فيما ترى شركة "لافارج" استقرار المبيعات في السوق المغربي، وهذا ما يبرر توجهها نحو التصدير إلى غرب أفريقيا، وتعتبر هاتان الشركتان الأهم في المغرب في صناعة الإسمنت. وهما يجريان محادثات اندماج لم تنته بعد.
وتشير بيانات وزارة الإسكان وسياسة المدينة المغربية، إلى أن استهلاك الإسمنت، سجل في العام الماضي تراجعاً بنحو %5.4، ويقدر استهلاك المغرب من الإسمنت في العام بنحو 14.5 مليون طن.
وفي الثلاثة الأعوام الماضية راكمت مبيعات الإسمنت بالمغرب تراجعاً، وصل على مدى تلك الأعوام 15% حسب ما لاحظه، إدريس الفينا، الاقتصادي المغربي المتخصص في قطاع العقار، في تصريح لـ "العربي الجديد".
ويعزى تراجع الطلب إلى تراجع نشاط البناء والأشغال العمومية، خاصة في العام الذي قررت فيه الحكومة خفض الاستثمارات العمومية بنحو 1.5 مليار دولار، من أجل التحكم في عجز الموازنة.
ويرى البعض أن وضعية قطاع العقار تؤثر سلباً على مبيعات الإسمنت في المغرب، خاصة أن من وسط بطء الشركات العقارية من وتيرة الإنتاج، في المقابل يمكن لشركات الإسمنت أن تراهن على قطاع البناء والأشغال العمومية، الذي يرتبط بالصفقات التي توفرها الدولة.
وتأثرت نتائج الشركات العاملة في قطاع الإسمنت بتراجع الاستهلاك المحلي، وهو ما دفع البعض منها إلى البحث عن منافذ للتصدير. غير أن الخبير المغربي في قطاع العقار الفينا، يعتبر أن مسألة التصدير تبقى صعبة بالنسبة للشركات العاملة في المغرب، على اعتبار أن جميع الأسواق تشهد منافسة كبيرة بين شركات الإسمنت.
وذهب الخبير الفينا، إلى أنه يمكن، مع ذلك، التصدير، إلى فرنسا وإسبانيا، التي توقفت فيهما بعض مصانع إنتاج الإسمنت، وإن كان يرى أن التصدير لن يشمل سوى الكلينكر، حيث ترى البلدان المتقدمة أنه من المجدي استيراده واعتماده لتصنيع الإسمنت.
ويؤكد ما يذهب إليه الخبير، ما كشفت عنه شركة "لافاج" في تعليقها على نتائجها للعام الماضي، حيث ذكرت في النتائج المالية أن التصدير المشكل من الإسمنت نصف المصنع "الكلينكر"، مثل 2% من رقم المبيعات الذي بلغ حوالي 500 مليون دولار.
وتسعى هذه الشركة، كما يوضح مديرها العام، سعد الصبار، إلى تنويع شبكة التوزيع، ما يعني أنها تراهن أكثر على المجهود التجاري من أجل الحفاظ على حصتها في سوق الإسمنت بالمغرب، في الوقت نفسه تسعى الشركة إلى رفع قدراتها الإنتاجية.
واتجهت شركة "هولسيم" في العام الماضي إلى دعم حجم مبيعاتها الذي ارتفع بنسبة 6.5%، مقارنة بالعام الذي قبله، وهو ما تأتى لها عبر تصدير جزء الإسمنت نصف المصنع، كما صرح بذلك، كرستوف سيرودان، المدير الإداري والمالي للشركة. واستوعبت أسواق مثل أفريقيا الغربية وموريتانا و ساحل العاج جزءاً من الصادرات.
ويرى خبراء أن انتعاش مبيعات الإسمنت بالمغرب، له علاقة بتوقعات النمو الاقتصادي في
العام الحالي، حيث ينتظر أن يقارب النمو 5% في ظل انتعاش الموسم الزراعي، حيث بلغ إنتاج محصول الحبوب 110 ملايين قنطار. والموسم الزراعي من أهم مؤشرات انتعاش عمليات البناء والأشغال.
ويلفت الفينا الانتباه إلى أن جميع مواد البناء الأخرى ترتبط بمبيعات الإسمنت، فعندما ترتفع مبيعات هذا المنتج، ينعكس ذلك إيجابا على مبيعات حديد البناء والرمل.
وثمة مؤشر إلى أن إنفاق الدولة سوف يساهم في إنعاش مبيعات شركات الإسمنت في العام الحالي، على اعتبار أن موازنة العام الحالي، توقعت استثمارات بحوالي 20 مليار دولار في مشاريع حكومية وفي مشاريع تابعة للبلديات، علماً أن شركات البناء والأشغال العمومي تعتمد في جزء كبير من نشاطها على المشاريع العامة التابعة للدولة أو البلديات.
ويؤكد الفينا أنه لا توجد علاقة سببية بين البناء والعقار، فالبناء يرتبط بشكل عام بالأشغال العمومية والعقار، بينما أداء قطاع العقار في المغرب له علاقة بمسألة العرض والطلب. وهو يتصور أن بعض شركات العقار هي التي تعاني من مشاكل في المغرب بسبب سوء التدبير.
ويرى أن مشكلة قطاع العقار لا ترتبط بالبناء، بل له في جانب منه، علاقة بالأسعار التي تعتمدها الشركات العقارية والتي تراها الأسر مرتفعة.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews