تقرير: تراجع مصر عن ضريبة البورصة مخيب ومخالف للقانون
جي بي سي نيوز :- قال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن تراجع حكومة بلاده عن تطبيق ضريبة أرباح البورصة مخيب للآمال ومخالف لتعهد الحكومة في وقت سابق بإقرار العدالة الضريبية.
وجاء في تقرير للمركز، وصل "العربي الجديد" نسخة منه، أن "هذا التراجع جاء مخيبا للآمال في أداء الحكومة الحالية، التي مازالت تنتهج نفس سياسات الحزب الوطني، في المبالغة في تمييز طبقات المستثمرين ورجال الأعمال، على حساب المواطنين".
والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مؤسسة قانونية مصرية غير حكومية، تنطلق من قيم العدالة، والحرية، والمساواة، وتعمل بالأساس على تحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
وخلص إلى أن "الحكومة مازالت تتجاهل العدالة الاجتماعية على حساب تشجيع المستثمرين، مبررين ذلك بأن التنمية الاقتصادية هي الهدف الأسمى لتحقيق التنمية، لكن التنمية لمن؟".
محالفة القانون
لفت إلى أن قانون الموازنة للعام المالي الحالي أكد أن "تعديلات قوانين الضرائب تشمل فرض ضريبة جديدة على الأرباح الرأسمالية وعلى توزيعات الأرباح" بالإضافة إلى "توقع زيادة الحصيلة خـلال العـام المالي 2014-2015 والأعوام التي تليه نتيجة تطبيق الإجراءات الإصلاحية في تشريعات ضريبة الدخل، خاصة فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية عن ناتج التعامل بنـسبة 10% وفرض ضريبة 10% على توزيعات الأرباح وتنخفض إلى 5% في أحوال حددها القانون مع إقرار إعفاء 15 ألف جنيه لحماية صـغار المستثمرين".
ونبه إلى أن "مصر تعاني من ضيق القاعدة الضريبية، التي تتمثل في محدودية المعاملات والأشخاص الذين تغطيهم المظلة الضريبية، وهو ما يؤدي إلى ضعف الدخل الضريبي في مصر سنويا، ويترتب عنه لجوء الدولة المصرية إلى الاقتراض لتغطية العجز بين المصروفات والإيرادات".
كذلك تلجأ الحكومة إلى "زيادة الإيراد الضريبي، دون توسيع القاعدة الضريبية، من خلال زيادة الأعباء الضريبية على الفئات الملتزمة بسداد الضريبة، وعلى رأسهم المواطن العادي المستهلك للسلع والخدمات، الذي تزيد الحكومة من أعبائه من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة، وهي ضرائب المبيعات التي تفرض على السلع والخدمات، بنسب موحدة لسعر الضريبة، وهو ما يتسبب في زيادة الأسعار، وزيادة معدلات التضخم".
وذكّر المركز بإقرار وزارة المالية المصرية بأن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يتسبب في زيادة نسب التضخم بمعدلات تتراوح بين 2 و3%، وهي "معدلات ضخمة جدا، مقارنة بمعدل التضخم السنوي المعتاد، الذي سيرتفع بشدة مع تطبيق تلك الضريبة"، على حد قوله.
وتساءل المركز عن الأسباب التي دفعت حكومة إبراهيم محلب إلى التراجع عن ضريبة البورصة في وقت يلزمها فيه توسيع القاعدة الضريبية لإنعاش الخدمات العامة المتردية والوفاء بالالتزامات الدستورية بزيادة الإنفاق على بنود مثل التعليم بـ3% والصحة بـ4% من الناتج القومي.
ورجح أن الحكومة المصرية "تواجه معضلة في الموازنة بين تحقيق العدالة الاجتماعية والحرص على كفاءة المناخ الصحي للاستثمار في الوقت نفسه".
وخلص إلى أنه "يبدو أن مصالح رجال الأعمال مازال لها الصوت الأعلى وشبه الأوحد في تراجع عن تطبيق ضريبة أرباح البورصة، سبقها تقليل وتوحيد ضرائب الدخل على القطاعات الأكثر دخلا، لكن دون حدوث أي تردد في تطبيق ضرائب أعلى على المواطنين الأقل دخلا".
ليس الرضوخ الأول
ليست هذه المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة المصرية عن نيتها تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، ثم تتراجع رضوخا لضغوط المستثمرين.
ففي عام 2011، تراجعت الحكومة عن خططها لفرض ضريبة على توزيعات الأسهم بحجة وجوب مراعاة الظروف الدقيقة لاقتصاد البلاد والحاجة لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأعاد المركز التذكير بإقدام الحكومة وقتها على "الإعلان عن ارتفاع مؤشرات الأسهم في البورصة للتدليل على صواب القرار والتهليل له، ثم عاد مؤشر البورصة، الذي لا يعكس وضع الاقتصاد المصري ولا دلالة له حتى على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر، إلى حالة الـتأرجح المعتادة، التي لا تعني جموع المصريين ولا تؤثر على مصالحهم".
وقبل عام، أعلن وزير المالية المصري، هاني قدري دميان، عن "بدء تنفيذ إصلاحات لتوسيع القاعدة الضريبية وتحقيق العدالة الضريبية من خلال فرض ضريبة على أرباح البورصة، الأمر الذي كان سيمكن الحكومة من زيادة الإنفاق على البنود التي من شأنها رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين وحماية حقوق البسطاء وتكريس العدالة الاجتماعية".
وفي مايو/أيار 2014، تم فرض ضريبة 10% على الأرباح الرأسمالية المحققة في البورصة المحلية وعلى التوزيعات النقدية والأرباح الناتجة من الاستثمار في الأوراق المالية في الخارج أو التصرف فيها.
ونص القانون أنه "في حالة تحقيق خسائر لن يتم خصم أية ضرائب، وسترحّل لفترة ثلاث سنوات، بحيث يمكن استخدام الخسائر في خفض الضريبة الواجبة عن أرباح تتحقق في 3 سنوات تالية لسنة الخسارة".
أما بالنسبة للمستثمرين غير المقيمين، فتقرر "إخضاعهم لنفس الضريبة البالغة 10%، ولكن آلية التحصيل ستعتمد على خصم نسبة 6 %على كل عمليات البيع التي ينتج منها ربح رأسمالي محقق، وتحتجز من حساب العميل إلى حين تسوية الموقف النهائي في نهاية كل سنة ميلادية".
أما بالنسبة لتوزيعات الأسهم، فتسري الضريبة على توزيعات الأرباح عن الأسهم والحصص التي يحصل عليها الشخص الطبيعي المقيم في مصر من شركات الأموال أو شركات الأشخاص، بما في ذلك الشركات المقامة بنظام المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، عدا التوزيعات التي تتم في صورة أسهم مجانية سواء تحققت هذه التوزيعات في مصر أو في الخارج وأيا كانت الصورة التي يتم بها التوزيع".
كواليس التراجع
خلص المركز إلى أن الحكومة المصرية لم تكن تنوي التراجع عن قرار فرض الضريبة على البورصة الذي اتخذته "بعد دراسة وليس من فراغ"، وذلك "رغم أن قرار العمل بهذه الضريبة لم يلق استحسان بعض المستثمرين، خاصة رئيس البورصة الحالي".
وأضاف: "تطور الأمر الى أن رفعت مجموعة من المستثمرين دعوى على الحكومة بحجة أن التعديلات الضريبية الجديدة مبهمة وتطبيقها اللوجيستي معقّد، ولكن بدلا من تحديد آليات تجميع هذه الضريبة، قررت الحكومة فجأة التراجع عنها وتأجيل العمل بالضريبة على الأرباح الرأسمالية لمدة سنتين حفاظا على التنافسية مع الأسواق المحيطة مع استمرار العمل بالضريبة على التوزيعات النقدية على الأسهم".
تهديد توزيع الثروات
أشار المركز نفسه إلى إقدام الحكومة المصرية، في شهر مارس/آذار الماضي، على
خفض الضرائب على الأغنياء من 30% إلى سعر موحد على كل الدخول العليا حدد في 22.5%، وهو انخفاض غير مسبوق في ضرائب الدخل، بحسب المركز.
واعتبر قرارات خفض الضرائب وتوحيدها على دخول الشركات ودخول الأفراد الأكثر دخلا "تراجعا عن الوعود الدستورية التي كفلت تصاعدية الضرائب وعدالتها وتعدد مصادرها، حيث نص الدستور المصري في المادة 38 "ويراعى في فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر".
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews