هل اقتربت نهاية الإنترنت؟
جي بي سي نيوز - هل أشرفت حقبة الإنترنت على النهاية؟ سؤال يجيب عنه الكثير من الخبراء والباحثين بالإيجاب إذا لم يتم فعل شيء قبل عام 2023، للاستجابة للطلب العالمي المتزايد بشكل سريع في مجال تبادل المعطيات، والذي قد يتجاوز سعة الشبكة العالمية بعد سنوات قليلة.
فمنذ سنة 2001، يدرك المختصون أن نهاية الشبكة العالمية الإنترنت آتية لا محالة، لكن في ذلك الوقت لم تكن هناك مواقع للتواصل الاجتماعي تجذب إليها مئات الملايين من المستخدمين يوميا، ولا مواقع شعبية لتحميل الفيديو كموقع يوتيوب الذي أسس سنة 2005، كما لم تكن هناك هواتف ذكية تعتمد على هذه الشبكة من خلال تطبيقات مثل إنستغرام وواتساب أو غيرهما.
ففي ذلك الحين أكدت الدراسات أن للألياف البصرية العمود الفقري للإنترنت حدودا فيزيائية في نقل البيانات تبلغ مائة تيرابايت في الثانية، ولم يكن من المتوقع بلوغ هذه الحدود في زمن قصير نسبيا.
أسباب الانهيار المتوقع
أما اليوم، وبعد أن بات حجم المعلومات المتبادلة على الإنترنت على مشارف الحدود الفيزيائية، فإن إمكانية انهيار الشبكة أصبحت وشيكة، وقد تحدث في مدة وجيزة تتراوح بين ست وثماني سنوات من الآن، كما يقول أندرو إيليس الأستاذ بجامعة آستون في بيرمنغهام ببريطانيا في تصريح لصحيفة الديلي ميل.
وتبدو توقعات الباحث البريطاني مبنية على استنتاجات علمية تستند إلى معطيات واقعية، أبرزها التزايد المتسارع في كميات المعلومات المتبادلة على الشبكة، فعدد مستخدمي الإنترنت تضاعف منذ سنة 2008 ليبلغ حاليا ما يزيد على ثلاثة مليارات مستخدم، منهم 68% من مشتركي المواقع الاجتماعية، وهم الفئة التي تمكث أطول فترة على الإنترنت مقارنة بالأصناف الأخرى من المواقع.
"حسب دراسة لشركة سيسكو، فإن حجم زيادة المعلومات المتبادلة عبر الإنترنت بين 2015 و2016 سيكون مقاربا للحجم الإجمالي للمعطيات المتبادلة على الشبكة العالمية طوال 2011"
وحسب دراسة قامت بها شركة سيسكو العالمية المختصة في مجال الشبكات المعلوماتية، فإن حجم زيادة المعلومات المتبادلة عبر الإنترنت بين 2015 و2016 سيكون مقاربا للحجم الإجمالي للبيانات المتبادلة على الشبكة العالمية طوال 2011.
وسيبلغ عدد عمليات الاتصال بالإنترنت 18.9 مليار سنة 2016 مقابل عشرة مليارات عملية سنة 2011، ونصف هذه العمليات سيتم لاسلكيا، كما أن التحسن المتواصل في سعة الاتصال ستمكن من مشاهدة أفلام بطول إجمالي يبلغ 1.2 مليون دقيقة في كل ثانية خلال السنة المقبلة، بحسب الدراسة نفسها.
ويقول إيليس إن المشكلة تبدو كبيرة وليس أمامنا سوى خيارين: أولهما إحداث "اختراق" علمي يمكن من تطوير الشبكة بشكل جذري، وهو رهين جهود البحث المتواصلة ولا يمكن التنبؤ متى سيحدث هذا الاختراق. وثانيهما مضاعفة أعداد أسلاك الألياف البصرية، وهذا سيضاعف استهلاك الشبكة للكهرباء، الذي يبلغ حاليا حوالي 2% من استهلاك الطاقة في العالم، وبالتالي قد يجد العالم نفسه في حاجة إلى مصادر طاقة إضافية بسبب الإنترنت.
إنذار خاطئ؟
ورغم أن الجميع متفق على أن حجم المعطيات المتبادلة على الشبكة العالمية يتزايد بشكل متسارع، وأنه يجب فعل شيء ما مستقبلا لتفادي وصولها إلى نقطة التشبع، فإن العديد من المختصين لا يوافقون الباحث البريطاني في توقعاته بشأن نهاية الإنترنت.
ففرضية نهاية الإنترنت تم تداولها سابقا أكثر من مرة، حسب خبير الشبكات الفرنسي ستيفان بورتزماير في تصريح لجريدة لوموند الفرنسية، أولها سنة 1996 بسبب إشكالية المرور للألفية الجديدة، ثم سنة 2004 بسبب اتجاه الدول الصاعدة إلى الاعتماد على الشبكة العالمية بشكل مكثف وسريع، وآخرها سنة 2012 مع اكتساح الأجهزة الذكية المحمولة الإنترنت، وفي كل مرة أمكن تجاوز الأمر بإيجاد الحلول التقنية المناسبة.
"تبقى مسألة رئيسية ينبغي إيجاد حلول مناسبة لها، وهي استهلاك الشبكة كميات كبيرة من الطاقة تمثل 2% من الاستهلاك العالمي، وهي نسبة ستزداد بتزايد حجم الشبكة وعدد المستخدمين"
الحلول المطروحة
من الحلول المطروحة التي شرعت العديد من شركات تزويد خدمات الإنترنت في تطبيقها هي تقريب موقع تخزين البيانات من المستخدم قدر المستطاع، وهو ما يجعل عملية تبادلها تكون على مستوى محلي ضيق، ويسهم في تخفيف الاكتظاظ المروري للبيانات على الشبكة العالمية، كما سيسهم التطور التكنولوجي في مضاعفة سعة الشبكة بعشر مرات على الأقل خلال السنوات القادمة.
وتبقى مسألة رئيسية ينبغي إيجاد حلول مناسبة لها، وهي استهلاك الشبكة كميات كبيرة من الطاقة تمثل 2% من الاستهلاك العالمي، وهي نسبة ستزداد بتزايد حجم الشبكة وعدد المستخدمين.
لكن الأمر لا يبدو مستعصيا على الحل، فمن الممكن بكل سهولة خفض استهلاك الشبكة للطاقة بنسبة تقارب 90% قبل حلول سنة 2020، حسب الباحث بالمعهد الفرنسي للبحوث الإعلامية لوران لوفافر في تصريح للوموند الفرنسية. وتعتمد هذه الإمكانية على عدة جوانب، منها خفض استهلاك الأجهزة المرتبطة بالإنترنت للطاقة، ودعم لامركزية الشبكة، وتشجيع التطبيقات المعلوماتية التي تستهلك أقل قدر ممكن من الطاقة عند استعمالها.
ولئن أُخذت مسألة احتمال انهيار شبكة الإنترنت ونهايتها مأخذ الجد لدى العديد من المختصين والباحثين، وعلى رأسهم أندرو إيليس، وهو ما دفعهم إلى عقد مؤتمر دولي حول الموضوع الأسبوع الماضي بإشراف الجمعية الملكية البريطانية، فإن جانبا آخر من المختصين والخبراء يرون أن الأمر لا يعدو أن يكون "فزاعة" أطلقها موزدو خدمات الإنترنت للقول إنهم لا يجنون الكثير من الأموال من الإنترنت ويجب ضخ المزيد من الاستثمارات في الشبكة العالمية بحجة إنقاذها المزعوم من الموت، كما يقول خبير فرنسي.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews