في ذكرى نكبة فلسطين
في ذكرى نكبة فلسطين التي مرّت قبل أيامٍ قليلة، ترددت قليلاً قبل الكتابة عن هذا الحدث المأساوي في تاريخ الشعب الفلسطيني ، فالنكبة التي نتحدث عنها ونسترجع صورها وفجيعتها أصبحت نكبات بعد أن بات الشعب العربي في أكثر من بلد يعيش تحت وطأة التهجير واللجوء والاعتقال والتعذيب والقتل والمجازر والفظائع ، وبعد أن باتت مدنه وقراه وأريافه ونواحيه وأقضيته تتعرض للحرق والنهب والتدمير باختلاف العدو وتعدد الأسباب والأهداف.
وإن كانت فلسطين تعرضت لسياسة تدمير مدنها الرئيسية بهدف تحويلها إلى مدن يهودية وطرد وتهجير معظم سكانها ومحو الأسماء العربية التاريخية واستبدالها بأسماء عبرية وتدمير الهياكل الأصلية العربية الضاربة في الزمن من خلال نمط بناء وتخطيط حديثين بغية تثبيت دعائم دويلة الكيان ، فإن العراق وكذلك سورية لم ينجوا من ذات المخطط حيث يجري تدميرهما ونهب ثرواتهما وتهريب آثارهما وقتل وتهجير سكانهما من أجل التساوق مع مخطط احتلالي صفوي فارسي له نفس الهدف وذات الغاية .
وإن كان الفلسطيني قد فقد أرضه ووطنه منذ ٦٧ عاماً وأصبح الغريب اللاجئ، فإن العراقي والسوري والليبي واليمني يرزح هو الآخر الآن تحت وطأة النار والعنف ويعيش ذات المأساة في الترحيل والسفر ويحلم بالأمن والاستقرار.
إن نكبة فلسطين في عام ١٩٤٨ هي بداية النكبات العربية جميعها، وهي بداية الحكم الاستبدادي الديكتاتوري والأنظمة الشمولية الفاسدة التي أدت في النهاية إلى هذا الواقع البائس الذي تعيشه الشعوب العربية اليوم.
ورغم أن النضال الفلسطيني لم يتوقف يوماً ومازال مستمراً بذات الإصرار والأمل بتحرير الأرض والعودة إلى الديار، فإن هذا الحلم لن يتحقق إلا بتحرير البلدان العربية من " بعض " الأنظمة الشمولية المستبدة التي تحكمها، وبانتصار ثورات الشعوب العربية.
لم تتخلَّ الشعوب العربية عن فلسطين بل حملتها في قلوبها دائماً وأبداً وقدمت في سبيلها الغالي والنفيس، لكن بعض الأنظمة والقيادات الفاسدة التي قبضت ثمن تنفيذها سياسات الآخرين هي التي تخلّت عن فلسطين وتركتها تصارع كليمة وحيدة .
في ذكرى نكبة فلسطين السابعة والستين كان لا بد للعربي أن يتعلم عبر كل هذه السنين الدرس بأنه : ما من حليف أجنبي سيقف إلى جانبه، لا بريطانيا ولا فرنسا ولا كل عواصم الاستعمار الكبرى، فهؤلاء بالأساس هم المسؤولون مسؤولية كاملة عما وقع للشعب الفلسطيني منذ ٦٧ عاماً من ظلم تاريخي جرّاء المؤامرة التي هدفت إلى طمّس الهوية الفلسطينية عبر تنفيذ وعد بلفور المشؤوم واستجلاب اليهود من أصقاع الأرض لإقامة كيان لهم على أرض فلسطين.
في ذكرى نكبة فلسطين ، نؤكد أنه لا بد من استمرار وبقاء القضية الفلسطينية على رأس المشهد السياسي والمؤتمرات الدولية والإقليمية ، لأنها قضية العصر والقضية التي لن تضيع بالتقادم – رغم مأساة أشقائها العرب والظلم الواقع عليهم- لأن مطالبها هي مطالب كل العرب المُهجّرين وحقهم بالعودة إلى ديارهم وإنهاء احتلال بلادهم وإن اختلف العدو.
في ذكرى نكبة فلسطين لا بد من التأكيد على أن يمارس الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وتحقيق أمانيه الوطنية وفي إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews