السعودية تمتلك أسلحة نووية ولم يعد يعنيها التخاذل الأمريكي مع إيران

جي بي سي نيوز - : يرى مراقبون أن القلق في السعودية يتزايد من إيران، ومع هذا القلق تتزايد الشكوك في مقدرة ورغبة الإدارة الأميركية في كبح جماح التطلعات الإيرانية للهيمنة، وفي نفس الوقت تتزايد التوجهات السعودية للدخول في صراع ذاتي مع إيران بموافقة أو عدم موافقة الرئيس الأميركي، حتى لو كان هذا الصراع مرتبطا باستخدام القوة العسكرية.

أبرز مثال على هذا الاتجاه هو المعركة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي منحت اسم "عملية عاصفة الحزم" والتي بدأتها في نهاية آذار الماضي بغية وقف التقدم الذي أحرزه المتمردون الحوثيون الذين يتمتعون بدعم إيران.

لم يتم إعلام حليفة السعودية الأقرب – الولايات المتحدة – بهذه العملية مثلما اعترف رئيس قيادة القطاع الأوسط الأميركي أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، بل إن الأميركيين سمعوا عن العملية فقط بعد ثلاث ساعات من بدئها، وحينها استدعى السعوديون الملحق العسكري الأميركي في السفارة الأميركية لإطلاعه على ذلك.

إن مثل هذه العمليات السعودية المستقلة ضد جهات إقليمية يشتبه بتأييدها لإيران أو على الأقل تسهم في تعزيز التأثير الإيراني في الشرق الأوسط، لها سوابق في الماضي، فقد أرسلت قوات سعودية وخليجية إلى البحرين على سبيل المثال في آذار 2011 في أوج المظاهرات التي قام بها الشيعة ضد الملكية السنية، بيد أن هذه القوات لم تخض قتالا مباشرا، ولم تلعب دورا مركزيا في إخماد التمرد المسنود من إيران ، ، لذا فإن التدخل في اليمن يعتبر تدخلا سعوديا من نوع جديد.

ويعزي الكثيرون هذا التوجه السعودي إلى وفاة الملك عبد الله وقرار الملك سلمان تحسين مكانة أصحاب المناصب الأمنية، ومن بينهم أبناء الجيل القادم من الأمراء – أحفاد الملك سعود- حيث حظي اثنان منهم بمنصب ولي العهد ونائب ولي العهد. لكن يبدو أن السبب الحقيقي هو اقتناع السعوديين بأن الولايات المتحدة مصرة خلال المحادثات التي تجريها مع إيران حول الملف النووي، على التوصل إلى تسوية واسعة النطاق ستتطرق إلى قضايا إقليمية أخرى.

إن يقظة السعودية ودول الخليج من الاعتقاد القائل أن الولايات المتحدة تعمل لمصلحتهم في هذا المجال وصلت إلى الحد الذي جعلها تلمح عن نيتها تقديم دعم كبير للقوى الإسلامية التي تحارب ضد الأسد في سورية، تلك القوى التي كانت الولايات المتحدة تؤيدها في البداية، ثم بدأت تعمل لهزيمتها.

لقد أدت المخاوف الأميركية من ابتعاد السعودية ودول الخليج عن تأثير الولايات المتحدة دفع بالرئيس أوباما للعمل على عقد مؤتمر قمة لزعامة دول الخليج في الثالث عشر من أيار الحالي في واشنطن بغية إحباط المعارضة العربية لاتفاقية إيران النووية الآخذة في التبلور.

ويقول مراقبون : أن إسرائيل مثلها مثل الدول العربية تنظر إلى إيران كعدو خطر جدا لها، ولديها أيضا شكوك شديدة فيما يتعلق بكون الولايات المتحدة لا زالت تعتبر تحت قيادة الرئيس أوباما ركيزة أمنية. وبناء عليه فإن أوساطا إسرائيلية تؤمن بأن التنسيق الإستراتيجي وتعزيز العلاقات مع السعودية ودول أخرى أقرب لها، هو بمثابة هدف سياسي شديد الأهمية. ورغم ذلك فإن هذه الآمال تتجاهل حقيقة أنه وعلى الرغم من أن غالبية الدول العربية السنية تخشى إيران وتحتقرها، إلا إنها تحتقر إسرائيل أكثر منها، رغم أن مخاوفها من إسرائيل أقل، وذلك بسبب التضامن العربي مع الفلسطينيين، لذا فإن مجرد إقامة علاقات طبيعية كالتي تقيمها الدول العربية مع إيران، هي أمر لا يجوز أن يجري مع إسرائيل.

إن الإسرائيليين الذين يعتبرون أنفسهم واقعيين، وبشكل خاص من أوساط اليمين، لا زالوا يفضلون تجاهل "الفيل الفلسطيني" الموجود في غرفة العلاقات العربية الإسرائيلية، نظرا لأن تلك الأوساط هي آخر الجهات التي يمكنها أن تدرس إمكانية إحداث تغيير في مواقف إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

ومن الجائز أن تقديرات مختلفة حول التهديدات التي تتعرض لها دول المنطقة يمكنها أن تخلق اتصالات سرية بين جهات أمنية في إسرائيل والدول العربية، بيد أن إقامة علاقات علنية قوية بين إسرائيل والدول العربية هو أمر بعيد المنال، بل وهناك أساس معقول للاعتقاد بأن مزايا هذه العلاقات ستكون قليلة جدا بصورة لا تبرر حسابات النفس الداخلية التي قد تثيرها التوجهات الإقليمية على الساحة الإسرائيلية الداخلية. كما أن التقدم على الصعيد الفلسطيني ليس رهنا بإسرائيل وحدها، بل هو أيضا رهن بالفلسطينيين أنفسهم.
وايا كان الأمر ، فإن التصريح الذي أطلقه مستشار وزير الدفاع السعودي أحمد عسيري خلال عاصفة الحزم يستوجب التوقف عنده بعناية ، فلقد قال الرجل : إننا نطمئن السعوديين أن بلدهم قوي ، بل وأقوى مما يعتقد العالم أجمع .

ولعل هذا التصريح كان الأوضح عن امتلاك السعودية قنابل نووية وقواذف صواريخ باكستانية ، وهي رسالة موجهة إلى الأمريكان قبل الأيرانيين ، كما سبق وقال وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل : إذا امتلكت إيران أسلحة نووية فإن السعودية ستمتلكها .

وتؤكد تقارير استخبارية نشرتها الصحافة البريطانية في وقت سابق أن السعودية تمتلك فعلا قنابل نووية ، وإنها لم يعد يعنيها قنابل إيران ، بقدر ما يعنيها أن لا ترى الدولة الفارسية تحتل أكبر من حجمها في المنطقة ، وبمساعدة أمريكية .

من هنا يجيء غياب الملك سلمان عن قمة كامب ديفيد ، فالسعودية قوية ، وقوية جدا ، ولم ع تخشى أحدا في االمنطقة إن لم نقل في العالم .

( المصدر : جي بي سي نيوز - خاص ) .