فرنسا تتكتّم على قاتل عرفات
لقد لعبت المؤسسة الطبية الفرنسية دورا استخباراتيا، ضمن خطة أمنية سياسية، أشرفت عليها الدولة الفرنسية بإتقان.. ولقد بلغ السوء بأخلاق المهنة مداه، عندما بعثت الحكومة الفرنسية إلى السلطة الفلسطينية تطلب منها أن تتعهد بعدم إعدام قاتل عرفات حين الكشف عن اسمه.
إنه استخفافٌ بشعب وحركة تحرّر ورموز مناضلين كبار، ومشاركة حقيقية في القتل والاغتيال على مراحل بحق رمز نضال الشعب الفلسطيني وزعيم حركات التحرر ياسر عرفات.. ولعلها ليست المرة الأولى التي تمارس فيها الإدارة الفرنسية هذا السلوك المشين في حق فلسطين وقادتها؛ فقبل ذلك تم اغتيال القائد الفلسطيني عاطف بسيسو والديبلوماسي الفلسطيني الكبير عز الدين قلق والمنظر السياسي البارع الهمشري في باريس، ولم تقدّم فرنسا القاتلين إلى القضاء، وتمّ التستر على كل جرائم الموساد، حيث كانت ليفني تدير شبكة من العملاء في باريس تحت سمع وبصر المخابرات الفرنسية تتصيّد قادة فلسطينيين وعربا بالتصفيات.. وكما يقول مدير المخابرات الفلسطينية السابق الطيراوي، إن الفرنسيين يقولون لنا تحت الطاولة إن الموساد هو المسؤول عن الاغتيالات، لكنهم لا يعطوننا أسماء ولا يقومون هم بالمحاكمات والمتابعات.
قصة ياسر عرفات مع المؤسسة الطبية الفرنسية قصة تفضح المستور وتكشف أن كل شيء هناك إنما يسير وفق السياسة والأمن، وليس لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب أي اعتبار.. ولعله أصبح من الواضح ضرورة أن يتجه التحقيق إلى فتح ملف دور المؤسسة الطبية الفرنسية في قتل ياسر عرفات..
ومنذ البداية، أخرجوا كل الأطباء العرب والممرضين العرب من المستشفى قبل أن ينزل عرفات فيه، ثم رفض الأطباء الفرنسيون أن يلتحق طبيب عرفات الخاص بهم أو أن يطلعوه على ملفه، ثم رفضوا أن ترسل عينات من دمه إلى روسيا لإجراء الفحوص اللازمة، ثم لم يقوموا بإجراء تحليلات كافية لدمه، واكتفوا بإجراء بعض التحليلات البدائية.. ثم أعلنوا أن عرفات مات بالأيدز وأن هناك كميات ضخمة من الأيدز في دمه لكي يشوّهوا صورته وينهوا رمزيته.. ولكنهم فشلوا في تغطية الحقيقة بعد أن أثار المحققون السويسريون القضية بالأدلة والبراهين والإثباتات بأن عرفات مات مسموما بفعل فاعل.. وهاهم يعلنون أن قضاءهم قد انتهى من الملف لكنهم يطلبون من السلطة ألا تنفذ حكم الإعدام بحق القاتل.
إن فرنسا الدولة في قفص الاتهام كما هي إسرائيل الكيان العنصري، وهما مشتركان في الجريمة.. أحدهما نفذ والآخر غطى.. ولن يفلت المجرمون من ضمير التاريخ وقانونه وسينتصر دمُ عرفات، مثل الشهداء جميعا، على الاستعمار القديم والمعاصر.. تولاّنا الله برحمته.
(المصدر: الشروق الجزائرية 2015-05-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews