رسالة المرجع الحسيني إلى علماء الشيعة
جي بي سي نيوز :- وجه الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان محمد علي الحسيني مؤخراً رسالة إلى علماء الشيعة طالب فيها بوجوب نصرة المسلمين ونصرة الشعبين السوري والعراقي، داعياً إلى عدم التعاون ومساعدة نظام الأسد.
وتالياً نص الرسالة:
بسم الله ناصر المظلومين و نكال الظالمين الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي المصطفى الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله العربي و على اله،و بعد:
فلا يخفى عليكم ان حكم الإسلام بوجوب الاهتمام بأمور المسلمين ونصرتهم واجب مقدس على كل مسلم فهذا ما قام عليه الدليل في القران الكريم وسنة نبينا وما عليه إجماع الصحابة والتابعين وفقهاء الإسلام من الاولين إلى الحين.
وحقيقة مادفعنا لكتابة هذه الرسالة -مع بديهياتها الفطرية والشرعية- هو تخاذل السياسيين وخوف بعض علماء الشيعة عن نصرة اخوانهم المسلمين المظلومين و المستضعفين في سورية ،والسكوت على ظلمهم وقتلهم وتدمير البلاد وابادة العباد ان هذا لشيء عجاب!.
ومن هذا الباب نذكر اخواني العلماء بكلمة حق و برسالة حجة عليهم لعلها تكون بابا للرجوع إلى الحق وعونا للمظلومين وخصوما للظالمين لنكون بذلك انصارا للمضطهدين المستضعفين السوريين باقلامنا وكلامنا وبقلوبنا وهذا اضعف الايمان.
والله من وراء القصد عليم.
العبد لله ...محمد علي الحسيني.
-1- وجوب الاهتمام بأمور المسلمين: ان الإسلام دين عالمي والمنتمي اليه ومن يتبعه في اي بقعة في العالم هو اخ لنا في الإسلام يجب علينا ان نهتم لامره من كل النواحي.
قال رسول الله (ص): «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم» فإن الحديث واضح في وجوب الاهتمام بما يحل بالمسلمين من النكبات وإغاثتهم ونصرتهم وان عدم اهتمامنا بشؤون وامور اخواننا المسلمين يعني اننا خرجنا عن ربقة الإسلام وخالفناه, وهذا الحكم متناسبا مع خطورة العمل واهميته.
-2- وجوب نصرة المسلمين: ان نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، واجب وفريضة كما الاهتمام به ﻷن الإسلام يريدنا ان نكون أقوياء اعزاء متماسكين مترابطين أخوة فعليين .
و اوجوب إغاثة المسلمين إذا استغاثوا بالمسلمين لنصرتهم ودفع الظلم عنهم، وأن من يتقاعس من المسلمين عن تلبية استغاثة المسلمين وإغاثتهم ونصرتهم ودفع الظلم عنهم يكون مخالفا للدين.
نستدل على وجوب نصرة المظلوم: كتاب الله تعالى: قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: 72]. فان دلالة الاية واضحة بوجوب نصرة المظلوم.
السنة: ورد صريحاً في وجوب نصرة المظلوم، في حديث أنس قال: قال رسول الله( ص) : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه " وقوله( ص): (انصر أخاك) أمر والأمر المطلق يقتضي الوجوب .
عن رسول الله( ص) : "المسلم أخو المسلم ولا يسلمه، ومن كان في حاجة مسلم كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"، قوله (لا يسلمه) أي لا يتركه مع من يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم، فالنصرة إذن حق أساسي من حقوق الأخوة ومقتضياتها العملية. وروى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلاّ كان أفضل من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ نصره الله في الدنيا والآخرة"..
والروايات صحاح واضحة وظاهرة في وجوب نصرة المسلمين والإسراع إلى إغاثتهم ونصرتهم ودفع العدوان عنهم.
-3- عاقبة من خذل المسلمين: ماذا لو ترك المسلم هذا الحق الواجب عليه نحو أخيه؟ نجيب من خلال حديث جابر : قال رسول الله( ص): "ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته" .
وروى عن أبي عبد الله (ع): «ما من مسلم يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ خذله الله في الدنيا والآخرة.
ونضيف ان المسلم الذي يسكت عن الظلم يحيه ويكون سببا في استمراره،ويتصف بالشيطان الأخرس،كما ورد في الحديث:"الساكت عن الحق شيطان أخرس".
-4- اعانة الظالمين: ان نصرة المظلوم كما انها واجبة وفريضة كذلك اعانة الظالمين محرمة و مرفوضة و وقد جاء عن رسول الله(ص): "اذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الظلمة واعوانهم،من ﻻق لهم دواة،او ربط كيسا،او مد لهم مدة قلم،فاحشروهم معهم". فان دلالة الحديث على حرمة اعانة الظالمين وان من اعانهم حشر معهم في نفس المرتبة.
وفي حديث اخر عنه (ص):"من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم انه ظالم فقد خرج من الاسلام"..
فلا اشكال ان من يمشي ويعين الظالم يخرج عن الاسلام ,لان الاسلام ﻻ يقبل بالظلم بل يرفضه ويحرمه ويحذر منه صغيره وكبيره بل الراضي به يدخله مدخل نفس الظالم وذلك ان دل على شيء انما يدل على عظيم الجرم ويقول الله عز وجل:"انا من المجرمين منتقمون".
-5- وجوب نصرة الشعب السوري: كل مسلم مظلوم في دينه أو في دنياه، أو معتدى عليه في نفسه أو في أهله أو ماله، فهو أهل للنصرة، قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [الأنفال: 72] ومن يجب نصرته أيضا كل مستضعف في الأرض أيا كان دينه أو جنسه أو لغته لقوله( ص): (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي بها حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت)، والرسول( ص) يشير هنا إلى حلف الفضول الذي كان على أساس نصرة المظلوم. اذا تبين بالدليل الشرعي القاطع حكم الشرع في وجوب نصرة المظلوم والمستضعف، الشعب السوري اليوم مظلوم ومستضعف كيف ننصره؟ ﻻشك وﻻريب ان الشعب السوري اليوم يتعرض لابشع الجرائم الوحشية ولقتل وتعذيب وتنكيل واغتصاب وهتك على يد بشار الأسد ونظامه ،حتى وصل الامر به بعد عجزه عن قهر ارادة الشعب السوري إلى قصفه بالطائرات وتدمير البلاد وابادة العباد .
والشعب السوري المستضعف والمقهور ﻻحول له وﻻ قوة نساءا اطفالا رجالا شيوخا ينادون الا هل من ناصر ينصرنا؟ النصرة تقع على اهل العلم والتقوى و ان الشعب السوري يشتكي اليوم الينا فاين نحن من قوله( ص): "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ".
-6- واجباتنا تجاه الشعب السوري المظلوم: فأولها: النصرة بالمال ولو بالقليل، وهنا حكمة في البدء بالمال، لأنه قد تكون الحاجة إليه أشد من الجهاد بالنفس واللسان، ويتحقق ذلك بتوفير الطعام والشراب والكساء والمبيت والدواء وغير ذلك من ضروريات الحياة .
ثانيها: النصرة باللسان،وهذا من اهم واجبات علماء الدين لإظهار النصرة على المنابر وبالفتاوى,و ببيان وجه الظلم الشرعي وذلك بالتأصيل الدقيق للحقوق المغتصبة، والرد القوي على الدعاوى والشبهات التي يتذرع بها الظالم , ولن يعفى منها أي مسلم، وﻻيكفي النصرة بالمال أو النفس، فلا بد من تدعيم وإظهار رابطة الإخوة الإسلامية، التي أصلها النبي( ص)وحدد إطارها في قوله: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ".
ثالثها:النصرة بالقلب،وهو اضعف الايمان عبر رفض وانكار وعدم الرضا بالجرائم التي تحصل ضد الشعب السوري ,والدعاء لهم بالفرج والنصر ,وعلى الظالم بالهلاك. والدعاء من أهم أنواع النصرة وأنفعها للمنصور وأفتكها بالمنصور عليه, وعن رسول الله(ص):"اتقوا دعوة المظلوم وان كان كافرا فانه ليس دونه حجاب".
كلمة حق: قال تعالى {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ-اي العدل- وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ-اي الظلم- وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].
اخواني العلماء هداني الله واياكم إلى الحق والعمل به،ورد في الحديث عن رسول الله(ص): "افضل الجهاد كلمة عدل في وجه سلطان جائر" إننا ضد الظلم وﻻنقبل به وﻻيمكن ان يكون وسيلة لنا أبدا ولايجوز الغعانة عليه كما يفعل بعض المحسوبين علينا من أتباع نظام ولاية الفقيه في إيران.
ونحن اليوم – كشيعة عرب-علينا تقع المسؤولية الشرعية الكبرى تجاه ما يحصل في سوريا وكذلك في العراق والمطلوب موقف شرعي واضح وفتوى صريحة تعبر عن رأينا الفقهي الإسلامي الشيعي ونعني به الإعلان عن الظلم الواقع على الشعب السوري المظلوم والتشهير بجرائم الظالمين، بالصوت والصورة، أو بالقلم وبكل وسيلة متوفرة.
ندين الظالم بشار الأسد ومن يساعده ونؤكد على عدم جواز الركون اليه وحرمة التعاون معه مساعدته,وندعو إلى نصرة الشعب السوري والعراقي المظلوم.
اختم رسالتي بقول امير المومنين علي بن ابي طالب(ع) للحسنين(ع):
" قولا بالحق،واعملا للاجر وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا ".
اللهم اني قد بلغت, اللهم اشهد.
العبد لله ..محمد علي الحسيني
الامين العام للمجلس الإسلامي العربي
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews