الحاسة السادسة.. خيط رفيع يربطنا بالعالم غير المرئي أو المحسوس
جي بي سي نيوز - ما يزال الحديث عن “الحاسة السادسة” يسبب الحيرة لعلماء النفس والأعصاب وللكثير من الناس، فهي تعد الخيط الرفيع الذي يربطنا بالعالم الآخر غير المرئي أو المحسوس ضمن الواقع؛ حيث يؤكد العلماء وجود بعض الظواهر غير الطبيعية التي لم تستطع الحواس المعروفة أو القوانين الفيزيائية تفسيرها. ويقال إن هذه القدرات الحسية تستشعر ما فوق الطبيعي وتعمل بدون الاعتماد على الحواس الأخرى. فالروح الإنسانية والعقل البشري للعلماء هي “أدوات خارقة” كما تعمقوا في دراستها كلما اكتشفوا أنهم لا يعرفون فيها إلا القليل.
ترى أحدث الدراسات أن “الحاسة السادسة” هي جزء من القدرات العقلية البشرية التي يتم اكتشاف الجديد منها كل يوم. وقد تظهر أقوى عند المرأة منها عند الرجل، وقد يعود ذلك إلى إيمان المرأة بأحاسيسها واهتمامها بتفسيرها أكثر من الرجل.
كما أن الارتباط الوجداني القوي للمرأة بخاصة فيما يتعلق بأبنائها، قد يتيح لها التمتع بإحساس روحاني والشعور بأبنائها عن بعد. هذا لا ينفي ظهور الحاسة السادسة بوضوح عند بعض الرجال ممن يتمتعون بحس وشفافية عالية، ويتميزون بقدرات إبداعية وتخيلية روحانية تفوق قدرات الإنسان العادي، فماذا تفعل إذا أخبرك أحد بأنه يرى في منامه رؤيا تخصك، وتتحقق هذه الرؤيا فيما بعد؟ فهل هو ساحر أو قد تظنه مسكوناً أو ممسوساً؟ وماذا تقول لو أنك شعرت بضيق وعدم ارتياح غير مبرر فألغيت رحلتك، أو قررت عدم المضي بمشروع شراكة مع أحدهم، وتبين لك أن شعورك كان في محله؟ فهل هذا ضرب من الشعوذة أو أنها لا معنى لها؟
هذه الظاهرة أو ما يطلق عليها “الحاسة السادسة” قد نشعر جميعاً بها، ولكن بنسب متفاوتة، وليس من الضروري أن يتنبأ الشخص بحادث خطير أو أمر بالغ الأهمية حتى يقال إنه يتمتع بحاسته السادسة. يكفي أن يخطر ببالك أحد الأصدقاء أو المعارف، لتجده يدق جرس الهاتف ويطمئن على أحوالك، ويقال لها “القلوب عند بعضها”، لأن هذا مظهر آخر من مظاهر الحاسة السادسة.
يحاول العلماء وضع احتمالات لتعريف الحاسة السادسة، فمنهم من يقول إنها نابعة من قوى وقدرات لها علاقة بالقوة الروحية للإنسان، فالعلاقة الرابطة بين الإنسان وروحه هي علاقة شفافة تتمتع بدرجة إحساس عالية، والافتراضات الأخرى تقول إن هذه الحاسة بدائية وقديمة وموجودة عند الإنسان البدائي الأول، الذي كان في أمس الحاجة إليها كوسيلة للاتصال والتفاعل مع معطيات محيطه، ثم ضمرت هذه الحاسة مع تطور التواصل الإنساني وتلاشت وحلت محلها أشكال الإدراك والاتصال الأخرى.
وهناك احتمال ثالث قائم على الاحتمالين السابقين، وهو احتمال أن الحاسة السادسة هي طبيعة بشرية يمكن تحفيزها، عن طريق تقوية روحانية الإنسان، أي عن طريق تدريب وتطوير قواه الروحية؛ حيث تتحكم بدرجة التفاوت بين الناس في نشاط الحاسة السادسة عوامل عديدة منها صفاء الذهن وهدوء الأعصاب واعتدال المزاج ودرجة عالية من الوعي. كما تبين أنه كلما اقترب الإنسان من الفطرة وكان تلقائياً بسيطاً ومرتبطاً بالطبيعة زاد عمق إحساسه بالمؤثرات. فهناك قبائل أفريقية بدائية تستطيع توقع التقلبات الجوية أو معرفة أماكن المياه في الأرض وبعض مظاهر تقلبات الطبيعية الأخرى من خلال هذه الحاسة.
وقد أثبت العلماء بالملاحظة والدراسة أن الحيوانات تتمتع بالحاسة السادسة أيضاً، وهي قد تكون أقوى عند الحيوانات منها عند الإنسان، وتظهر واضحة من خلال قدرتها على استشعار الخطر قبل حدوثه. فالحيوانات تمتلك مواهب مختلفة تمكنها من الاستجابة السريعة للتغير في الرؤية أو صدى الصوت وتحديد الاتجاهات بواسطة المجال المغناطيسي. وإلى جانب هذا تستطيع الكثير من الحيوانات اكتشاف وتتبع المواد الكيميائية ولو بكميات بسيطة جداً. حيث إن بعض أنواع السمك يتحرك حركة غريبة قبل الزلزال. لقد تم تسجيل هروب واختباء الكلاب والقطط والطيور قبل حدوث أي زلزال.
وإذا درسنا فرضية أن كل إنسان يمتلك الحاسة السادسة بقدرات متفاوتة كبيراً كان أم صغيراً، معنى ذلك أن استغلالنا لما نتمتع به من قدرات حسية وعقلية ما يزال ضعيفاً جداً، وأننا نحتاج إلى إعادة التركيز على القوى الداخلية التي تتمتع بها، بدلاً من التركيز المطلق على نتاج ما توصلت له البشرية من تقنيات وآليات.
ورغم إهمال هذا الجانب الروحي عند الإنسان مع نمط الحياة المتطورة والسريعة، فالحاسة السادسة ما تزال تظهر بشكل واضح عند التعرض لمواقف قوية، فأجسادنا تلجأ لتنبيهنا من خلال المشاعر الحادة، كالإحساس بالخطر، أو الخوف أو الفرح أو الحب. قد نستغرب إذا باغتتنا قوة داخلية فجائية تقذف بنا بعيداً عن خطر محدق. وفي هذا الصدد، أوضح فريق من الباحثين بجامعة واشنطن أن منطقة المخ المعروفة بالقشرة الداخلية الطوقية بجانب الموصلات التي تفصل قسمي المخ الأيسر والأيمن، تطلق إنذاراً بشأن الأخطار، لا تصل إلى الدماغ الواعي. وهذا ما يفسر الغرابة التي ندركها من ردة الفعل الفجائية التي تقوم بها بدون وعي. فهي بحد ذاتها تشكل دليلاً أن بداخلنا قدرة فطرية لا تظهر إلا عند الحاجة، هذه القدرة التي تنشط وتخمد حسب مقتضيات الانفعالات والتفاعلات الطارئة، وهذه القدرات تتميز بالشفافية، بحيث يكتشف بها بعض الناس حقائق، مثل قراءة (لغة العيون)، واستشعار رغبة الشخص الآخر بمجرد النظر إلى عينيه. إضافة إلى الشعور عن بعد بما يحدث لمن تحب، حيث تنتقل هذه الأحاسيس عبر مجال خفي تتخاطب فيه الأرواح دون استخدام الكلام أو السمع. وهذا ليس بالجديد فأجدادنا قالوا: (من القلب للقلب رسول).
ويصعب على الكثيرين تقبل فكرة وجود قوى تفوق القدرات الطبيعية. فالمعرفة كما تم توثيقها عبر العصور، هي المعلومات التي يتم استقبالها عن طريق الحواس الخمس، كمصدر وحيد للمعلومات، ثم يقوم العقل بتحليلها، وبالتالي يلجأون إلى عدم تصديق ما ليس له تفسير علمي، ولا يعتمد على المنطق والتحليل، وبذا تصبح الحاسة السادسة وغيرها مما يعجز العلم عن تفسيره مثل “الحسد”، ورؤيا الأحلام، أو “توارد الأفكار” وحتى “الحب” في كثير من المجتمعات خرافة أو جنونا أو كذبا أو يتم اعتبارها موهبة خارقة. وبينما تعبر وجهة النظر هذه عن غالبية الناس، إلا أن علم البارسيكولوجي الذي يدرس الظواهر الخارقة لقوانين الطبيعة (البارانورمال)، تتيح المجال للتفكير بعمق في القدرات الروحية والعقلية التي لا تندرج تحت المنطق أو التجارب المثبتة، مثل قدرة بعض الأشخاص على التخاطر أو قراءة الأفكار أو استبصار أحداث سابقة أو لاحقة، أو الحصول على بعض المعلومات بواسطة الأحلام أو بشعور فجائي يسيطر على الشخص.
كلما ازداد تعمقنا في دراسة حواسنا، يزداد فهمنا وتصنيفنا لاستخدامات الحواس التي نمتلكها. فنحن نمتلك قدرات حسية لم يتم تصنيفها بعد تعتمد على الإدراك والتصرف التلقائي لأوامر يقوم الدماغ بإرسالها تحمينا من خطر متوقع. ويعتمد تصنيفنا للحواس التي نمتلكها على كيفية تقسيمنا لأنظمتنا الحسية، فعلى سبيل المثال يمكننا النظر إلى التذوق كأربع حواس: حلو ومالح وحامض ومر، وهو ما يطلق عليه اليابانيون اسم Umami وهو قدرة تذوق النكهات المختلفة. مهم أيضاً أن ندرك أنه ليس بمقدورنا سماع الأصوات ذات الترددات العالية بدون فقدان حدة السمع للأصوات ذات التردد المنخفض والعكس صحيح، لذا يجب تصنيف درجة حدة السمع أيضاً إلى درجات منفصلة. ويمكن اعتبار الإبصار حاسة واحدة (ضوئية) أو اثنتين الضوء واللون أو أربعاً الضوء والأحمر والأخضر والأزرق.
ويصنف علماء الأعصاب اللمس على أنه جلدي أو جسدي أو حشوي اعتماداً على المكان الذي نستشعر فيه، وهناك حاسة إدراك حركة الجسم والتوازن، فلنبقي ذهناً منفتحاً، ولا نستغرب إن أجمع العلماء على امتلاكنا لإحدى وعشرين حاسة.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews