مخيم اليرموك.. ثورة لا تموت
مخيم اليرموك هو مخيم أُنشئ عام ١٩٥٧ على مساحة تُقدر بـ ٢،١١ كيلو متر مربع فقط لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ليصبح بعد ذلك مدينة قائمة بحد ذاتها : فيها مستشفيات ومراكز صحية ومدارس ثانوية وحكومية وأكبر عدد من مدارس الأونروا، وليضم إلى جانب اللاجئين الفلسطنيين عددا كبيرا من السوريين الذين ينتسبون للطبقة الفقيرة .
ومع بداية الثورة السورية عام ٢٠١١ وتطور الأحداث أصبح المخيم نفسه ملجأ لكثير من أهالي ريف دمشق الذين تعرضت مناطقهم وأحياؤهم للقصف والتدمير ومنهم أهالي داريا وببيلا حتى التضامن والقابون والحجر الأسود من أحياء العاصمة الدمشقية.
في عام ٢٠١٢ بدأت قوات النظام حملة عسكرية على مخيم اليرموك بسبب تقدم قوات المعارضة من جهة الأحياء الجنوبية في دمشق، حيث تعرّض للقصف والتدمير وتعرض أهله للقتل والإصابة، إلى أن قامت قوات النظام السوري بمحاصرة المخيم بشكل تام في أيلول ٢٠١٣ ليعاني أهله من الجوع ونقص الأدوية وخلافها ، ويلقى أكثر من ١٥٠ من الشيوخ والنساء والأطفال مصرعهم.
ورغم كل المبادرات والمحاولات العديدة من قبل المنظمات والجمعيات الإنسانية بهدف إنقاذ الوضع الإنساني الكارثي هناك ، إلا أن قوات بشار وشبيحته منعوا دخول المساعدات وقاموا بنهبها ليلاً.
مخيم اليرموك الذي احتضن النازحين الهاربين من بطش الظلم والعنف رُفعت فيه اللافتات المطالبة بالإصلاح والتغيير والعدالة والديموقراطية وإسقاط نظام الأسد، وطُبعت فيه المنشورات وكانت تُخبأ فيه " البخاخات " وأعلام الثورة، وصور المعتقلين والشهداء .
شهد المخيم اجتماعات كانت تعقد حتى منتصف الليل من أجل التخطيط لإنجاح المظاهرات في قلب العاصمة دمشق .
هذا ما كان يحدث في المخيم قبل أن تُرفع فيه بندقية واحدة وقبل أن تضربه الميغ وقبل أن يُحاصر من قوات الأسد وقبل أن يدخله تنظيم الدولة .
كان المخيم ثورة.. كان مستودعاً طبياً لعلاج الغوطة لينقذها من الموت القادم من قوات بشار وشبيحته وإيران وأزلامها " حزب الله ".
أما اليوم ، فيبدو أن المخيم حكم عليه بالموت من كل الجهات ، آخرها من عدو الإسلام " داعش " ..
لكأن قدر الفلسطيني أن يكون وحيداً، كما كان دائماً في مواجهة مصيره .
مخيم اليرموك الذي جعل منه الفلسطنيون مخيماً بحجم البلاد، بحجم فلسطين ، ينبض بالحياة والثورة والثقافة والشعر والسياسة ، هو حتماً - كما فلسطين - لا يمكن أن يموت.
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews