قوات عربية مشتركة للإجهاز على غزة
يبدو أن "عاصفة الحزم" التي تشنها 9 دول عربية ضد الحوثيين باليمن، قد استهوت الرئيس عباس فدعا إلى تكرارها في غزة وشنّ حرب عربية على حماس لإنهاء "انقلابها" وإعادة القطاع إلى حكمه.
ومع أن مسؤولين مقرّبين من عباس زعموا أن تصريحاته أُوِّلت بشكل خاطئ أو مغرض، إلا أن سوابق السلطة الفلسطينية في تأييد الحروب الصهيونية على غزة ودعوتهم في كل مرة، دون أدنى شعور بالعار أو الخجل، إلى مواصلتها إلى غاية إسقاط حماس، تجعلنا نصدق أن الرئيس عباس يعني فعلاً ما يقول وليس هناك أي تأويل مغرض لكلامه.
لكن المصدر الحقيقي للدعوة قد لا يكون عباس، فالأرجح أن تكون بإيعاز من السيسي الذي طالما هدّد بضرب غزة وإسقاط حماس "الإخوانية الإرهابية"، التي تدعم الإرهاب في سيناء كما يزعم، ولكنه كان بحاجة إلى ذريعة وغطاء قويّين يواجه بهما عاصفة الانتقادات في مصر والعالم العربي والإسلامي، فأوحى لعباس بتكرار سيناريو هادي في اليمن، والدعوة إلى تدخل عسكري عربي في غزة لإنهاء "انقلاب" حماس، وإعادة غزة إلى حكم عباس.
أليس من العبث والاستهتار بكل المعايير أن يقود أكبر انقلابي في الوطن العربي قواتٍ عربية مشتركة لإنهاء "انقلاب" حماس في غزة؟ وحتى باقي الأنظمة العربية التي ستقبل بإرسال بعض قواتها إلى القطاع لمشاركة السيسي في جريمة محاربة المقاومة.. هل هي أنظمة ديمقراطية وصلت إلى الحكم بإرادة شعوبها واختيارها الحرّ حتى تحارب "انقلاب" حماس؟
كنا نحلم بأن تستيقظ النخوة العربية إزاء المجازر المهولة التي يرتكبها جيشُ الاحتلال في كل مرة ضد الأطفال والنساء في غزة، وأن يكون انضواء 9 دول عربية تحت راية "عاصفة الحزم" في اليمن، مقدّمة لبداية تحرّك العرب لحماية الفلسطينيين بعد أن رفض المجتمع الدولي المتواطئ حمايتهم، لكن المسؤولين الذين أبتلي بهم الشعب الفلسطيني لا يدعون العرب إلى القيام بواجبهم القومي والأخلاقي في حماية فلسطينيي غزة، بل يدعونهم فقط إلى إخضاع القطاع لسيطرتهم وإنهاء المقاومة هناك، لأن ما يهمهم هو السلطة وريوعها وليس حماية الشعب.
في عام 1950 اتفق القادة العرب على إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة في إطار تطبيق اتفاقية الدفاع العربي المشترَك التي كانت تهدف إلى الدفاع الجماعي عن أي دولة عربية تتعرض للعدوان الصهيوني، وكذا تحرير فلسطين، ولكن منذ أكتوبر 1973، سقطت هذه المعاهدة عملياً، وأصبح العرب يلهثون وراء التطبيع ويعرضون مبادرات سلام ذليلة مع الصهاينة الذين رفضوها بكل احتقار وعجرفة، ودخلوا في ماراطون مفاوضات عبثية مع عباس للتغطية على الاستمرار في سياسة قضم الأراضي وتوسيع الاستيطان والتهويد وتقويض أساسات المسجد الأقصى ومواصلة محاولات القضاء على المقاومة، وخاضوا حروبا شرسة على غزة لتحقيق هذا الهدف وقتلوا آلاف الأطفال والنساء ودمروا البنية التحتية للقطاع...
وعوض أن يُحيي العرب هذه المعاهدة ويُنشئوا قوة عسكرية مشترَكة لوضع حد للمجازر الصهيونية ودعم المقاومة لتحرير الأراضي والمقدّسات، أحيوها لأغراض مشبوهة بدأت تتضح من دعوات عباس والهباش لضرب المقاومة والإجهاز عليها بأسلحة عربية بعد أن عجز الصهاينة عن ذلك.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.
(المصدر: الشروق الجزائرية 2015-04-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews