عاصفة الحزم وحسن نصر الله .. إلى أين ؟

في لقاء للدكتور عبد الله النفيسي - السياسي الكويتي المعروف - على إحدى القنوات الفضائية العربية منذ فترة وجيزة ، أعرب فيه عن قلقه من الخطر الحوثي وانتشار وتوّسع الحوثيين في اليمن، حيث طالب دول الخليج العربي على وجه الخصوص بضرورة التحرك والتوّحد بالصف والرأي من أجل إتخاذ قرار حاسم بإنشاء قوة عسكرية عربية هدفها القضاء على الحوثيين ، لأن خطرهم المرتبط بأطماع إيران الاستعمارية لن يتوقف عند حدود اليمن بل سيتعدّاه إلى دول الخليج كافة.

وعندما بدأت الأحداث تتسارع ، والأخبار تتواتر عن انتشار الحوثيين وتوسعهم خارج نطاق معاقلهم في اليمن حيث باتوا مهيمنين على العاصفة اليمنية ذاتها إضافة إلى محافظات أخرى، واحتجازهم للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ثم سيطرتهم على العديد من المؤسسات الحيوية في اليمن بمساعدة علي صالح .. كل هذا وغيره ، جعل دول الخليج العربي تستشعر خطورة وجدية الموقف الذي يهدد أمنها وسلامتها والذي لن يقف، كما قال النفيسي، عند حدود اليمن لأن الأطماع السياسية الاستعمارية وراء هذه الجماعة ومن خلفها أكبر من مجرد تطلعات لحكم اليمن بالذات .

ولذلك ، كانت "عاصفة الحزم " اتحادا خليجيا عربيا لوقف خطر امتداد الحوثيين ، وهي حرب بدأت منذ أيام ، ومن المتوقع لها أن تغير المعادلة اليمنية برمتها ، ما لم تحدث مفاجآت تحول دون استكمال المهمة التي لا جدوى منها إذا لم يتم تجريد الحوثيين من أسلحتهم لكي لا تتشابه الحالة مع حزب حسن نصر الله .

وعلى إثر هذه الحرب التي شهدت وحدة في الصف والرأي العربي، أطل علينا مساء الجمعة الفائتة "حسن نصر الله" زعيم حزب الله في كلمة متلفزة بدا فيها قلقاً على غير عادته.
فهذا الاتحاد ، إن استمر ، من شأنه القضاء على الخطر الحوثي للأبد في منطقة الخليج العربي وبالتالي على حلم إيران في تنفيذ مخططها الاسعماري الصفوي باستعادة الخليج الفارسي -بحسب ادعاءاتهم.

وهذا الاتحاد من شأنه أيضاً بعد اجتماع الزعماء العرب في شرم الشيخ السبت ، ووحدتهم أمام هذا الخطر ، أن يثير القلق لدى حزب الله ونظام الأسد أذناب إيران وعملاءها في الشام .

وكما هي عادة " حسن نصر الله" في كل خطاب له ، فإنه يعيد على مسامعنا أمجاده في حربه مع اسرائيل سنة ٢٠٠٦ ، وهي الحرب التي لم يحقق حزب الله بها شيئا ، بل على العكس : فقد تراجع حزبه خلف خط نهر الليطاني ، وكان سببا في تدمير لبنان والضاحية الجنوبية ومقتل مئات المدنيين الأبرياء ، جاعلاً من اسرائيل الشمّاعة الدائمة التي يعلق عليها أهمية وجوده كتنظيم " مقاوم " يدافع عن قضية فلسطين التي لم يقدم لها شيئا سوى محاولة تشييع غزة .

وقد دعا في خطابه الأخير - متهكماً - العرب إلى التوّحد في حربٍ مماثلة من أجل تحرير فلسطين التي تخلى عنها الجميع – كما يدّعي - إلا سورية ونظام الأسد الممانع ، من أجل أن يبرر سبب تواجد قواته الطائفية في سورية بحجة الدفاع عن وحدة شعبها من الانقسام والتفرقة وحفاظا على نهج " المقاومة " المزعومة !! .

يسخر حسن نصر الله في خطابه الأخير من التدخل في الشأن اليمني والسيادة اليمنية بينما يعطي الشرعية لتدخله في سوريا وتواجد حزبه فيها.
ويسخر من شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بينما يدعم شرعية المجرم بشار الأسد في حكم سورية بعد مئات الآلاف من القتلى والمعتقلين وملايين النازحين واللاجئين وتدمير البلد .

ولا يختلف مجرم سورية بشار الأسد عن نصر الله عندما أعلن عن استنكاره التدخل الخارجي في الشأن اليمني وعن حق الأطراف اليمنية في الحوار بغية التوصل إلى توافق وحلول سياسية تصل بالبلاد إلى بر الأمان.

إن خطاب حسن نصر الله الأخير عن " عاصفة الحزم" ضد الحوثيين كان خطاباً مليئاً بالكراهية والغضب والإحباط والتوتر: فقد تحدث عن الحقد الطائفي وهو آخر من يجب أن يتكلم فيه ، لأنه لطالما أصر على وضع مصلحة إيران فوق مصلحة لبنان وأمنه واستقراره.

لقد أصر الزعماء العرب في شرم الشيخ على استمرار " عاصفة الحزم" حتى تحقق كامل أهدافها ، ونأمل أن تصل إلى هذا الهدف ، لأن به مصلحة للأمة وحاضرها ومستقبلها .
أعود إلى التذكير بما قلته آنفا : أن انتهاء هذه العملية بدون تجريد الحوثيين من أسلحتهم يعني دخول اليمن في حرب أهلية طويلة ، وهو ما لا يتمناه أحد سوى إيران وأذنابها من أمثال عبد الملك الحوثي وحسن نصر الله وبشار الأسد .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv