خدمة مصرية إلكترونية مجانية توفّق مبادرين مع مرضى محتاجين
جي بي سي نيوز - في خضم انشغال الجميع بالمشهد السياسي والشأن الاقتصادي المتراوح بين متابعة التخطيط لمشاريع كبرى وأفكار هائلة والانغماس في مصاعب حياتية يومية، والاهتمام بالوضع الأمني حيث قلق من عمليات محلية وترقب أوضاع إقليمية، نسى كثر أو تناسوا حملات ضرورية وجهوداً لا غنى عنها تمس حياة كل مواطن، إن لم يكن اليوم فغداً، وإن لم يكن للنفس فللمحيطين. وعلى رغم يقين الجميع أن شعار «قطرة دم تساوي حياة»، إلا أن حياة المصريين التي أرّقتها السياسة، وأرهقها الاقتصاد، وأزّمها الأمن لم تجد متسعاً كافياً على مدار السنوات الأربع التي تلت ثورة «يناير 2011» لتضع قضية «الدم» في المكانة التي تستحقها، حيث قطرة دم هذا تنقذ حياة ذاك والعكس.
وعكس ما قد يعتقد بعضهم من أن تأثّر حياة المصريين بهبوب الرياح الربيعية منذ يناير 2011 قد ينعكس سلباً على استعدادهم للاستجابة لحملات التبرّع بالدم، فإن الحملات المتناثرة الصغيرة التي تنظّم بين الحين والآخر خلال السنوات الأربع الماضية أثبتت إن الغالبية مستعدة للاستجابة، لكن الحملات مطلوبة بهدف التذكير ومن أجل التأكيد على أن الجميع «عنده دم».
«لو عندك دم» يبدو عنواناً صادماً بعض الشيء لحملة تبرّع بالدم اختار أصحابها الشبكة العنكبوتية لتكون حملة غير تقليدية تهدف إلى مخاطبة جمهور غير تقليدي للحصول على قاعدة بيانات غير تقليدية لمتبرّعين ومحتاجين لا يجمع بينهم سوى الدم.
علاقة الدم التي تجمع الكل من بنات أفكار مواطن مصري اسمه هشام خرما. أسس مبادرة «لو عندك دم» وهي خدمة مجانية على الإنترنت، توفّق المتبرعين بالدم مع المرضى المحتاجين بناء على موقع كل منهم وفصيلة الدم المطلوبة.
يسجّل المتبرّعون بياناتهم على الموقع الإلكتروني، وكذلك يفعل المحتاجون، والباقي يُترك للكومبيوتر الذي يوفّق بين الطرفين إلكترونياً بناء على فصيلة الدم ومكان الإقامة.
قاعدة بيانات... وإرشادات
خرما الحاصل على زمالة «أشوكا» في عام 2013 بسبب ريادة فكرة التوفيق بين المتبرّعين والمحتاجين عنكبوتياً، ضمّ في قاعدة البيانات كذلك بنوك الدم والمستشفيات ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا الصحة. و»أشوكا» مؤسسة دولية تأسست في عام 1980 وتنشط في 53 بلداً وتعمل على تطوير القطاع الاجتماعي والأهلي وتحسينه من طريق مساعدة قدرات الأفراد النابغين وتنميتهم في هذا القطاع.
ويحتوي موقع «لو عندك دم» المعلومات الأساسية التي ينبغي على المتبرّع أن يكون ملماً بها قبل التبرّع. إذ يجب أن يتراوح عمره بين 18 و60 سنة، وألا يقل وزنه عن 45 كيلوغراماً، وألا تقل نسبة الهيموغلوبين في الدم عن 12،5 في المئة. وينبغي ألا يقلّ الفاصل الزمني بين كل مرة يتبرّع فيها بالدم عن ثلاثة أشهر، على ألا يكون مصاباً بالملاريا أو التيفوئيد، أو أي من الأمراض المنقولة بالدم.
ويناشد الموقع كل متبرّع أن يكون صادقاً في شأن المعلومات الصحية التي يدلي بها، علماً أن الدم المتبرعّ به يخضع لاختبارات وتحليلات عدة.
أما الموانع فتتراوح بين الإصابة بأدوار البرد والإنفلونزا، تعاطي المضادات الحيوية أو أدوية أخرى، وجود مشكلات في القلب أو الإصابة بأمراض مثل السرطان أو السكر أو الالتهاب الكبدي الوبائي أو الأمراض التناسلية. ولا يُقبل التبرّع من الحامل أو المرضع أو ممن تعرّضت لإجهاض قبل ستة أشهر. كما لا يسمح لمتعاطي المخدرات، أو من كانوا يعانون من الإدمان سابقاً بالتبرّع.
وقبل أيام أطلقت المبادرة حملة «دي شكة دبوس» بالتعاون مع بنك الدم المصري وسلسلة مطاعم وجبات سريعة عالمية تتواجد سيارات التبرع أمام فروعها في عدد من أحياء القاهرة الكبرى، أبرزها المهندسين ومصر الجديدة والرحاب وشبرا ومدينة نصر والمعادي والسادس من أكتوبر.
1,5 مليون وحدة
يذكر أن مصر تعاني نقصاً في كميات أكياس الدم المتوافر للطوارئ. وتشير دراسة للباحثة عزة شافعي بعنوان «زيادة كميات الدم المتبرّع به في مصر» (2013) إلى أن مستشفيات مصر تعاني نقصاً في الدم يقدّر بنحو 30 في المئة من الكمية التي ينبغي أن تكون متوافرة. وتحتاج مصر سنوياً إلى نحو 1,5 مليون وحدة أو عبوة دم سنوياً لتغطية حاجتها. وتلفت الباحثة إلى أسباب تقف وراء انخفاض كمية الدم المتبرّع بها، وهو ما يعني قلة عدد المتبرّعين. فقد يرفض أحدهم التبرّع لأنه غير مدرك بمدى الحاجة الطارئة للدم، أو قد يخشى من ألم الوخز، أو لا يرحّب بفكرة التبرّع ذاتها. وهناك لائحة أخرى من الأسباب غير الاجتماعية، منها سوء التغذية وما ينجم عنها من أمراض الضعف والأنيميا (فقر الدم). وهناك من يخشى أن تنقل له أمراض عبر عملية التبرع ذاتها.
وتلفت شافعي الاهتمام إلى أن هذا النقص في كميات الدم المتاحة فتحت سوقاً سوداء للإتجار في الدم. كـــما ترصد أبرز أسباب عدم التبرّع بالدم، وهـــي: الخوف من مستوى النظافة في عملية التبرّع، عدم وجود مركز تبرّع قريب، عدم حصول العاملين بالتــبرعّ على قدر كاف من التدريب أو تدنّي مستوى النظـــافة الشخصية بينهم، تواتر أخبار عن بيع الدم المتــــبرّع به في السوق السوداء، حدوث مشكلة صحية مثل الشعور بالدوار أثناء التبرّع في مرة ســـابقة. ولاحظت انخفاض نسبة المعرفة والوعي عمــــوماً حول درجة الحاجة لأكياس الدم. أما الدوافع الأبـــرز للتبرع فكانت: أسباب دينية أملاً في الحصول على ثواب، حاجة فرد من الأسرة لدم بصفة عاجلة، حدوث كوارث وأزمات مفاجئة مثل الحرب على غزة أو لدى وقوع حادث مروري ضخم، أو لوجود وعي بأن مصر في حاجة إلى وحدات دم للطوارئ.
حملة «دي شكة دبوس» تحــاول توضـــيح الصورة للمتبـرّعيـــن ومن يفكرون في التبرّع، عبر نقاط سريعة سهلة الفهم. فنصف ليتر دم ينقذ حياة ثلاثة أفراد. وبمعدّل كل دقيقتين يحتاج شخص لنقل دم. فصيلة الدم الأكثر طلباً هي O +. الضحية الواحدة في حوادث السير قد تحتاج إلى مئة وحدة دم، وبالتالي «لو عندك دم» تدعو الجميع للتبرّع بقدر من الدم.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews