بأي حال جاء عيد الأم ؟
تمر مناسبة عيد الأم هذا العام حزينة- لا أقول على غير عادتها- فالعام الفائت كان حزيناً أيضاً .
منذ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وما خلفه من قتل واعتقال وتهجير ، والأم الفلسطينية تعيش هذه المناسبة - بألم متجدد ومستمر على مدار العام .
الأم العربية اليوم ، في كل بقعة من الوطن العربي بلا استثناء ، تعيش هذه المشاعر في عيدها :
فالأم السورية التي قُتل ابنها أو اعتقل أو هُجّر أو عُذّب في سجون نظام الأسد ، ستحمل من أجله في هذا اليوم ،كما غيره من الأيام ، وجعاً كبيرا ، والأم التي من الله عليها بوجود أبنائها بقربها ، فإن حالها لا يقل سوءا ، إذا كان ضيق ذات يدها سيحول دون توفيرها متطلباتهم واحتياجاتهم وما يشتهون .
الواقع العربي من مشرقه إلى مغربه وإن اختلفت مشاكله، واقع مرير للأسف ، فيه من الألم والقهر ما تنوء بحمله الجبال :
عودة إلى سورية ، فها هي بواقعها البائس تدخل السنة الخامسة ، في دوامة من الحرب والقتل والدمار ، هي بلد يشبه الأم الثكلى بعد ان استحالت إلى دمية بيد إيران ، وركيزة أساسية من ركائز مشروعها الاستعماري البغيض !.
لقد أصبحت سورية ، بفضل بشار الأسد وسيده في طهران أرضا خصبة ومحجا للمتطفلين ، والمتطرفين ، وشذاذ الآفاق الدمويين : من دواعش وعصابات أبو الفضل العباس والعصائب وحزب الله ، وغيرهم ، وهي ذاتها التي كانت بلد التاريخ والعلم والفن والثقافة والتعايش الفسيفسائي الذي طالما تغنى به القريب والبعيد والتأريخيون والمستشرقون .
وها هو العراق الغني بأهله وثرواته وتاريخه وحضاراته ، أريد له التشرذم والتقسيم والقتل على الهوية المذهبية والإثنية ، وبات عاصمة للأمبراطورية الفارسية ، كما قال مسؤول صفوي حاقد في طهران مؤخرا .
أما اليمن ، وما أدراك ما اليمن ، فإن الأفعى الحوثية الإثني عشرية ، بدأت تنفث سمها وفحيحها بشكل مفضوح ، وتسعى للسيطرة على المحافظات واحدة إثر أخرى ، بدعم مباشر وعلني من الولي الفقيه ، وهو حراك خبيث يهدد الخليج كله إن تمكن هؤلاء الإنقلابيون الطائفيون من تحقيق مرماهم ، والوصول إلى مبتغاهم .
وها هي ليبيا تعيش ما تعرفون من قتال ودمار وإرهاب وخراب .
وها هي تونس تُضرَب في وضح النهار في مربعها الأمني ، رغم أن هذا البلد الجميل اجتاز امتحان الديمقراطية بأقل الأضرار ، إلى أن فاجأته جريمة متحف بوردو الإرهابية : أيضا في وضح النهار.
وها هي مصر ، التي كانت أم الدنيا ، تعيش متاعبها وشجونها .
إن أمهات البلدان المذكورة وغيرهن من بناتنا وأخواتنا يعانين في هذا اليوم ( عيد الأم ) أشد ما تعانيه والدة على ولدها وفلذة كبدها ، وفي يومهن العزيز هذا ، نستذكر عطاءهن وتضحياتهن التي لا تجازى ولا تبارى ولا تقدر بثمن ، أو يعبر عنها بكلام .
نقول لأمهاتنا الغاليات العزيزات : نتمنى أن تكنّ بخير وأن يعمّ السلام والأمن والأمان أوطاننا، ولكل أمهات الشهداء نقول : الرحمة لأبنائكن والصبر لقلوبكن الطاهرة الجليلة ، أما الأبناء والبنات الذين فقدوا أمهاتهم ويستذكرونهن في هذا اليوم فنقول : إن أعمال بر الوالدين لا تنقطع بموتهما أو بموت أحدهما ،ولكل أجل كتاب ، فادعوا لهن بالرحمة والغفران ، إنه سميع قريب مجيب .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews