وجع الفقراء وليس كرة القدم
سهل جدا استخدام الحروف لإثارة مشاعر الناس تعاطفا مع بعض لاعبى أندية الكرة فى الدرجتين الثانية والثالثة، الذين أرادوا الوقوف أمس أمام اتحاد الكرة للشكوى والاحتجاج وإعلان الرفض والغضب.. فهؤلاء اللاعبون ضد اتحاد الكرة الذى لم يتخذ أى إجراء حاسم ضد نادى الحديد والصلب الذى لم يقف إلى جوار لاعبه شعبان شمروخ المصاب بالسرطان.. ومات شعبان دون أن يجد العلاج المناسب أو يلقى أى رعاية.. فى شهر واحد عاش شعبان الذى لم يتجاوز السابعة والعشرين من العمر كل أوجاع الدنيا ومهانتها.. فى البداية سرطان فى المعدة، ولحظة تشخيص المرض كانت لحظة انتقاله إلى الكبد والقولون.. ومن قصر العينى إلى مستشفى الهرم لم يجد شعبان أى علاج أو أمل.. وحين نجح المدرب وكل زملاء شعبان فى الفريق فى جمع المال الذى يكفى الاستعانة باستشارى كبير متخصص فى علاج الأورام كان شعبان قد مات.. وهو بالتأكيد أمر موجع لأى قلب ألا يجد أى إنسان رعاية طبية مناسبة، وألا يلقى إلا الإهمال والمهانة فقط لأنه فقير لا يملك ثمن العلاج واستشارة طبيب متخصص أو لا يملك وساطة تفتح له أبواب مستشفى يرعاه.. ولكننى رغم كل هذا الوجع والأسى لا أؤيد وقفة هؤلاء اللاعبين الغاضبين والحزانى أمام اتحاد الكرة أو ثورتهم ضد نادى الحديد والصلب.. فإلى جانب قضاء الله الذى لا يقدره إلا هو سبحانه وتعالى.. مات شعبان لأنه مريض فقير فى مصر وليس لأنه لاعب فى الحديد والصلب لم يهتم به ناديه..
ولا أخجل من الاعتراف بأننى بكيت وأنا أسمع حكاية شعبان لكننى لم أشعر بأى غضب على أو من اتحاد الكرة أو حتى الحديد والصلب.. لكننى شعرت بالجرح والغضب من مهانة الفقر والعوز والحاجة.. ولهذا لم أتمنّ أن يجتمع لاعبو الدرجتين الثانية والثالثة وينظموا أى وقفة احتجاجية أمام اتحاد الكرة.. بل تمنيت أن يجتمع كل أهل الكرة بمن فيهم نجومها المشاهير والكبار ويقودوا حملة لمصلحة كل وأى فقير مريض بالسرطان فى مصر.. فحين نتحدث عن الفقر وعن السرطان وعن مستشفياتنا الحكومية تسقط كل الفوارق بين لاعب الكرة وبين من لم يلمس الكرة فى حياته.. ومحاولة البعض تصوير الأمر بأنه قضية كروية هو سير بنوايا طيبة وصادقة لكن فى الطريق الغلط.. بل إننى قد أُسرف فى أحلامى وأطلب من وزير الداخلية، اللواء مجدى عبدالغفار، أن يقبل إقامة مباراة ودية يوافق عليها رئيسا الأهلى والزمالك ويحضرها الجمهور وترعاها كل الشركات الكبرى المهتمة بكرة القدم ويخصص دخلها لمصلحة مرضى السرطان فى مصر.. وستصبح هذه المباراة مجرد خطوة أولى للفت انتباه الجميع لهذا الوجع.. وإذا كان التاريخ الطبى فى مصر سيبقى دائما يذكر بمنتهى الاحترام والامتنان الدكتور شريف أبوالنجا، مدير مستشفى سرطان الأطفال، الذى كان أول من استعان بكرة القدم للوقوف بجانب أطفال مصر وفقرائها.. فلابد أن نتعلم منه ونطلب اليوم من كرة القدم أن تستكمل رسالتها الإنسانية مع كل المصريين.
(المصدر: المصري اليوم 2015-03-17)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews