جريمة كارولينا : إرهاب ضد الإسلام
استفاقت الجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية فجر الأربعاء الماضي على فاجعة إنسانية راح ضحيتها ثلاثة طلاب: شاب عربي مسلم سوري الأصل : ضياء بركات) ٢٣ سنة ) يدرس طب الأسنان، وزوجته الأردنية الفلسطينية الأصل : يسر أبو صالحة) ٢١ سنة ) تدرس طب الأسنان أيضاً، وشقيقتها : رزان أبو صالحة) ١٩ عاماً ) طالبة هندسة معمارية في ولاية نورث كارولينا الشمالية.
وقد أقدم على ارتكاب هذه الجريمة النكراء شخص يدعى : كريك ستيفن هيكس) ٤٦ عاماً ) والذي كتب مرات عديدة عبر صفحته على الفيس بوك رسائل مناهضة للإسلام ، مما يدل على أن هذا المجرم ارتكب جريمته بدافع الكراهية ، رغم محاولات الشرطة المحلية الأميركية ووسائل الإعلام الغربية التعامل مع الجاني على أنه مضطرب نفسياً وعقلياً وأن الحادثة وقعت بسبب خلاف بين الجيران على مواقف السيارات.
لقد هزت هذه الجريمة البشعة الجالية العربية والإسلامية في أميركا رغم التعتيم الاعلامي بالمقارنة مع أحداث أخرى مشابهة ولكن مختلفة الأسباب والدوافع والحيثيات ، وأعربت الجالية عن غضبها مما جرى حيث نددت بالقاتل وطالبت بإنزال أقسى العقوبات عليه معتبرةً ما ارتكبه عملية إرهابية كبرى .
لقد أعادت هذه الجريمة مشاعر الخوف والهلع والترقب إلى النفوس والأبدان ، خاصة وأن العرب والمسلمين هناك لم يفيقوا بعد من تبعات تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية ، وما جرته عليهم من تداعيات .
خرجت جموع غفيرة غالبيتها العظمى من العرب والمسلمين في تشييع ضياء وزوجته وشقيقتها، وكانت مشاهد الدفن حزينة ومعبرة : فضيا في مقتبل العمر يدرس الطب وهو شاب ودود قريب من قلوب محيطه العائلي والجامعي والمجتمعي ، يحب العمل الخيري ويلعب كرة السلة .. وأما زوجته المحجبة ، والتي لم يمض على زواجها به شهران فتشاركه الدراسة والهوايات واحترام الآخر وكذلك شقيقتها المحجبة أيضاً التي كانت في زيارة لهما.
هو الحجاب إذن ، ما دل على هويتهم وديانتهم ، وهو ما دفع بذلك الوحش الآدمي لارتكاب فعلته ، أما سلوكهم وخلفايتهم ويومياتهم فليست في حسبانه وحسبان من هم على شاكلته من متطرفين مجرمين ، إذ قام بترصدهم عن سابق إصرار ومن ثم اقتحم المنزل وأطلق النار .
قبل شهر تقريباً ، تابع العالم حادثة "جريدة تشارلي " الفرنسية الساخرة عندما أقدم إرهابيون مسلمون على إطلاق النار على فريق الرسامين في الجريدة بعد نشرها لكاريكتور مسيئ للرسول الكريم مما أودى بحياة ١٢ شخصاً.
قوبلت هذه الجريمة البشعة باستنكار عالمي حكومي وشعبي حيث شارك العديد من القادة والزعماء في مسيرة مهيبة في تشييع الرسامين القتلى، وتكاتف العالم يداً واحدة ضد الإرهاب وضرورة محاربته والقضاء عليه، ورفع الجميع شعاراً للتضامن مع الجريدة عُرف بعبارة ) :أنا شارلي( ، كما بثت جميع وسائل الاعلام حول العالم هذا الخبر وفردت له مساحات واسعة من التغطية والتحليل، وكان عنوان الخبر الأبرز: مسلمون إرهابيون يطلقون النار على الفريق الصحفي في جريدة شارلي.
الخبر هنا هو ذاته والجريمة الإرهابية هي ذاتها ولكن مرتكبها هو أميركي يكره الأسلام ، . ولذلك فإن التغطية الإعلامية ليست ذاتها، والتنديد الحكومي ليس عينه ، ولا في حجمه أو قوته ، والتشييع مختلف تماماً، والتضامن مع أهالي القتلى شاركت فيه فئة بعينها.
أين تعاطف العالم؟ وأين حربه على الإرهاب؟ وأين القادة والزعماء ليخرجوا في مسيرات ضد هذه الجريمة ؟ أين الدنيا بأسرها ولماذا لم يرفع ذات الشعار : ( أنا عربي مسلم ) ؟ ..
هل الإرهاب هو جرمٌ يرتكبه من يدّعون الإسلام فقط ؟
هل يُعقل أن تطال السوري والفلسطيني والأردني يد الغدر حتى في غربتهم عن أوطانهم الأصلية وكأنما كُتب عليهم أن يتجرعوا هذا السم الزعاف ؟ .
الخلاصة التي انتهت إليها هذه الجريمة النكراء : هي أنه لا أهمية للمسلم ولا العربي ، فكيف إذا كان سورياً أو فلسطينيا أردنيا ؟ .
ينبغي أن نقول هنا : أن داعش لا تشكل خطراً فقط على المناطق التي تتواجد فيها، بل إن خطرها وطريقة تعبيرها عن الإسلام يمتد إلى خارج الحدود والقارات ، ما يفتح باب جهنم على العرب والمسلمين في كل مكان.
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews