الولي الفقيه في صعدة
لعل الإعلان الدستوري الذي أعلنته جماعة الحوثي الجمعة - كشف بما لا يدع مجالا للشك - أن هذه الجماعة الشيعية الإنقلابية ، ماضية في تنفيذ مخططات إيران في اليمن ، للهيمنة عليه وعلى مقدراته ، وزرع مخلب قط جنوب الجزيرة العربية تمهيدا لتنفيذ المشروع الصفوي الجديد .
أتحدث عن الإثني عشرية وليس الزيدية عموما .
سياسة الخطوة خطوة ، التي يتبعها نظام الملالي في قم وطهران لم تفلح معهم هذه المرة ، فـ " سلقوا " الإعلان الدستوري الذي جاء هزيلا متناقضا متسرعا مرتبكا ، بعد أن تبين لهم بأن أغبية اليمنيين يرفضونه جملة وتفصيلا ، ومن أجل ذلك بدأوا بالضغط والخطف والقتل ، بغية إرهاب اليمنيين ووضعهم تحت سندان القوة ، ومطرقة الأمر الواقع ، ولكن هذا لن يحدث في بلد قبلي مثل اليمن ، وما مأرب التي هي مصدر كهرباء صنعاء ونفط المحافظات جميعا عن الحوثيين ببعيدة ، وقس على ذلك كل الوسط والجنوب الرافض لهذا الإعلان القادم من شمال الشمال .
لقد وضع الإعلان الدستوري الذي أقر مجلسا وطنيا من 551 عضوا ومجلسا رئاسيا مكونا من خمسة أعضاء ، ومدة زمنية انتقالية مدتها عامان ، جميع هذه السلطات في يد ما أطلق عليه " اللجنة الثورية العليا " التي هي مرجعية كل هذه السلطات ، ليتبين لاحقا بأن الذي يرأس هذه اللجنة " الحاكم الفعلي لليمن الآن " هو ابن شقيقة عبد الملك الحوثي ويدعى " محمد علي الحوثي " ، وهو نفسه الذي يرأس ما يطلق عليه " اللجان الثورية " التي احتلت صنعاء والمحافظات الأخرى : أي أن كل هذه الديباجة التي حواها الإعلان الدستوري والمكونة من ست عشرة مادة ، ليس لها أي أهمية بدون توقيع محمد الحوثي هذا .
وما تبدى للعيان من الحفل الهزلي الذي جاء إخراجه رديئا وحبكته مضحكة ، أن الجهات التي قدمت البيان وقرأته وأدارته كلها حوثية ، ما ينفي إشراك أو اشتراك أية قوى يمنية في هذه المسرحية التي انبثق عنها كل هذه المشاهد المثيرة للمرارة والإشمئزاز ، وبرغم رفض الأغلبية الساحقة من اليمنيين لهذا الإعلان : سواء على صعيد القوى السياسية أو المحافظات ، خرج الزعيم الروحي للجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي السبت على شاشة قناة المسيرة التابعة للجماعة ليوبخ الرافضين ويتهمهم بانهم يريدون تدمير اليمن لأن اليمن " في حالة فراغ وأن هناك مخاطر من هذا الفراغ " أي أن الحوثيين انتهجوا نهج " بشار الأسد : إما نحن أو نحرق اليمن " .
كما لا يجوز أن يغيب عن التذكير بأن جمال بن عمر غادر صنعاء قبل هذا الإعلان ، لأسباب مجهولة ، كما أننا لم نشاهد أي موقف إقليمي عقب الإعلان بساعات ، ومن ثم ظهر رفض المجتمع الدولي " مجلس الأمن " وإناطته إصدار أي إعلان دستوري بالرئيس هادي ، وهو أمر لا يتعدى أن يكون حبرا على ورق ، شأنه شأن عشرات القرارات التي أصدرها نفس المجلس ولم تكن سوى فقاعات هواء .
اليمنيون وحدهم من يستطيع إحباط هذا المشروع ، وإذا أوكلوا هذا الأمر لقوى خارجية أخرى فسوف يضيع " استقرار " اليمن ، وإلى الأبد ، وأقول : " استقرار " لأن اليمن أكبر من أن يبتلعه الحوثيون .
لا زال في الإمكان تدارك هذا الإعلان ، وإفهام الحوثيين ومن وراءهم أن اليمن ليست لقمة سائغة لقوى طائفية ظلامية ، ، وأن اليمنيين أكبر من أن يُساسوا بالسياط ، أو أن يكون لهم " ولي فقيه " في صعدة .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews