ملف الكساسبة
تدرك الدولة الأردنية أن قبولها التفاوض سيجر عليها مواقف لم تعتدها .
وبرغم ذلك ، فإن الأردن ، ومن أجل إعادة طياره الأسير لدى تنظيم داعش الإرهابي ، فعل المستحيل ، مما نعرف ومما لا نعرف ، وفي النهاية طلب مقابل إطلاق ساجدة الريشاوي إظهار دليل على أن الطيار الرهينة لا زال حيا يرزق ، وهو طلب عادل ، يجب إدراك أحقيته وأهميته وخطورته في مثل هكذا ملفات .
وإذا كان الشعب الأردني أعلن أنه كله معاذ ، في شعار رفعه الأردنيون في قلوبهم قبل بيوتهم ، فإن أي مكروه يصيب الطيار لا سمح الله ، فإنه يصيب حالا كل أردني وأردنية وليس عائلة الطيار فحسب .
الذي يقرأ الموقف الأردني بكل أبعاده ، لا يستعصي عليه الفهم أنه موقف مدروس ، ليس فقط لأن الدولة تنشغل بمعاذ من أعلى هرمها إلى قاعدتها ، ولكن لأن من حقها أن تعرف الحالة التي عليها طيارها بالدليل الواضح اللاحب .
لقد كان الأردن محقا عندما طلب إطلاق طياره مقابل الريشاوي ، فالأولوية للطيار، وليس لغيره ، فكما أن لدى التنظيم ورقة الكساسبة فإن لدينا ورقة الريشاوي وغيرها ، وإذا ما فرطنا بالريشاوي وهي أولى الأوليات بالنسبة للتنظيم ، فإننا نكون خسرنا ورقة مهمة ، من بين أوراق مهمة كثيرة يملكها الأردن ولم يفصح عنها لوسائل الإعلام .
يدرك التنظيم بأنه إذا أصاب معاذ سوء لا قدر الله ، فإنه سيخسر وإلى الأبد عشرة ملايين أردني سيناوئونه في السر والعلن ، والمنشط والمكره وفق صيغة مبايعاته الشهيرة .
لقد بعث الأردن برسالة إعلامية قوية : بأن التنظيم الإرهابي ، وإذا ما كان معنيا بحياة الريشاوي المحكومة بالإعدام ، فإن من مصلحته عدم المس بمعاذ ، وهي رسالة ذكية وصارمة وقاطعة لا لبس فيها .
الأردن يدير الملف بحكمة ، هكذا يجب أن يقال ، إذا أردنا أن نكون منصفين .
وعادلين !.
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews